بعد راج من نقاشات ومشادات على شبكات التواصل الاجتماعي هذه الأيام بخصوص ما خلفه عرض المسرحية التونسية « برج الوصيف » في الكويت خلال الاشهر الماضية ، اصدر المدير العام للمسرح الوطني التونسي الفاضل الجعايبي بلاغا توضيحيا جاء كالتالي :
في جانفي 2016 كنت في الكويت كمدير عام للمسرح الوطني التونسي وكمخرج لمسرحية « العنف ».
حللنا ضيوفا على دولة الكويت بدعوة من الهيئة العربية للمسرح لتقديم ثلاثة أعمال أنتجها المسرح الوطني التونسي : » الضربة القاضية « (في المسابقة) و » برج الوصيف » و »العنف » (خارجها).
لم أتفاجأ لمّا أتاني ممثّل عن الهيئة العربية للمسرح وطلب منّي حذف مشهدين من مسرحيّتَي « الضربة القاضية » و « برج الوصيف » فرفضت طبعا حذف أيّ كلمة أو حركة أو صورة من هاتين المسرحيتين، واقترحت إذا كانت المسرحيّتان مخلّتين بالحياء والأخلاق العامّة سحبهما من المشاركة.
وقدِّمت المسرحيّتان كاملتين.
والطّريف أنّ مسرحيّة » العنف » الّتي لم تكن معنيّة « باقتراح » الحذف الجزئي وقع حجب صورة منها في نشريّة المهرجان لفاطمة بن سعيدان وتلويت صدرها بالحبر الأسود.
سعداء كنّا فنّانين وإدارة عامة بتقديم أعمالنا الثّلاثة كما قدّمت في تونس وفي أنحاء العالم أمام جمهور كويتي ومثقّفين وإعلاميّين وسياسيّين كانوا مشدودين كثيرا بما تقدّمت به الّحريات في تونس وعيا وفنّا.
سعداء كنّا لما التقينا مسرحا وفندقا وشارعا مع عدد كبير من الكويتيّين والعرب والأجانب الّذين نوّهوا بتقدم المسرح التّونسي وجرأته.
سعداء كنّا بصفة خاصّة بردود فعل الشّباب الكويتي الّذين لم نسمع على لسان أحد منهم حرجا أو لوما أو مؤاخذة أو استنكارا أخلاقيّا لمّا شاهد، أو سمع في هذه الأعمال الثّلاثة. بل بالعكس.
فأين المشكل ؟ وبعد عام من تقديم هذه العروض ؟ المشكل سياسيّ لا ريب فيه.
ويتعلّل السّياسيّون كالعادة بالعادات والتّقاليد والدّين والحياء والأخلاق لِرمي الطّلاسم على النّاس وإخفاء المشاكل الحقيقيّة وهي طوق المواطنين إلى أكثر حرّيّات وجرأة وتجاوزات للضّيق والقمع والإحباط الذي يعيشون فيه.
المسرح التّونسي ككلّ القوى الحيّة المستقلّة المتحرّرة من الرّواسب والتّبعيّات والتّحالفات والتّجاذبات (التّونسيّة منها والعربيّة ولا سيما الغربيّة) ماض للمساهمة بقسطه في تكريس دولة القانون والمؤسّسات في تونس متحدّيا فيها وخارجها التّقاليد البالية والقوى المحافظة ومنها الظلاميّة مدافعا عن حقّه وإن لم نقل عن واجبه في تطوير الفكر والفنّ المتحرّرين التقدميّين المعاصرين أشكالا ومضامين .
إنّنا لا نقبل أن تدفع المرأة التونسية المستهدفة ثمن هذه الحملة لأنّها ركيزة أساسيّة في تحرّر المجتمع التونسيّ ولربّما المجتمع العربيّ تربويّا وثقافيّا بيتا ومدرسة وجامعة ومجتمعا مدنيّا ودستورا.