بمبادرة من الأرشيف الوطني والمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر والمعهد العالي للتوثيق والشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان وشبكة دستورنا وقع مؤخرا تقديم نتائج سنة كاملة من العمل في تجميع وأرشفة ما يقارب عن 800 وثيقة رقمية خاصة بأحداث الثورة التونسية ، المشاركون في هذا العمل اعتبروا أن مسؤولية حفظ الذاكرة الوطنية في ما يتعلق بالمحامل الالكترونية – أي الصور والفيديوهات التسجيلات الصوتية التي أنتجت إبان الثورة- وثائقا من الأهمية بمكان ووجب الإسراع بجمعها وتوثيقها لأنها هشة قد تتعرض للتلف بسهولة.
المنزلة التراثية لوثائق لا نوليها اهتماما
اعتبر الكتاب ولا يزال التجسيد الأمثل للفكر البشري غير إن الثورة التونسية وان كتب الكثير حولها تبقى المحامل الالكترونية أكثر تعبيرا عنها وأكثر دلالة. إلا أننا لا نعيرها الاهتمام اللازم فلقد نشأنا، كباحثين، على احتقارها كما صرحت بذلك السيدة رجاء بن سلامة المديرة العامة للمكتبة الوطنية في افتتاح اليوم الدراسي. السيد جان مارك سالمون عن الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان عبر عن سعادته بالتجاوب الكبير للمواطنين في مد الباحثين بالوثائق التي احتفظوا بها لسنوات في هواتفهم الجوالة آو الحواسيب فلقد وقع جمع 800 وثيقة وهذا رقم كبير تجاوز ما هو مأمول بكثير، ملاحظا أن التوثيق شمل الموارد الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي وسيتطور هذا العمل نحو تجميع الموارد الالكترونية الموجودة لدى المؤسسات الإعلامية الأجنبية كفرانس 24 وغيرها نظرا لغياب التغطية الإعلامية للمؤسسات التونسية آنذاك. أما عملية التجميع فلقد اتبعت تطور الأحداث أثناء الثورة فكان الانطلاق في جمع الوثائق بجهة سيدي بوزيد ثم القصرين فصفاقس وهكذا.
السيد جوهر بن مبارك عن شبكة دستورنا أكد على أن المنهجية المعتمدة في عملية التوثيق منهجية علمية فلقد أحدث مجلس علمي يمثل ثلة من الباحثين عن المؤسسات البحثية المذكورة أعلاه ولقد كلّفت ثلاث باحثات بتجميع الوثائق فيما رسم المشرفين المنهجية المعتمدة قبل العمل الميداني خلاله وفي مرحلة التوثيق النهائية مشيرا إلى أن الموارد المتوفرة حاليا والتي تجاوزت المأمول تبقى منقوصة لذلك يدعو كل من يمتلك وثائق هامة أن يقدمها للأرشيف الوطني لتدعيم هذا المشروع الذي يعتبر في نهاية الأمر مكسبا للمجموعة الوطنية وعلى ذمة الباحثين وكل المهتمين بتاريخ تونس المعاصر ، معتبرا أن هذا العمل دعوة للجامعة التونسية إلى تحفيز الباحثين إلى اعتماد هذا النوع من الوثائق الحيّة وإعطائها المكانة الاعتبارية والعلمية التي تستحق ،مؤكدا على انه يطمح إلى أن يتطور هذا المشروع نحو مركز وطني لحفظ الأرشيف السمعي البصري معتبرا أن تونس لها الأسبقية والتقاليد في مجال الأرشيف وحفظ الذاكرة وعليها الاهتمام بالموارد الرقمية للبقاء في الصدارة لان العالم يتغير ونوعية الوثائق تتغير في إشارة للتحولات التكنولوجية العميقة.
السيد الهاشمي بن فرج ممثل شبكة دستورنا في المجلس العلمي للمشروع أكد أن فريق العمل اشتغل في نوع من السرية خوفا من التوظيفات السياسية، فلقد أراد الفريق أن يكون العمل علميا محايدا لان الهدف علمي بحت. مشيرا إلى تدخل العديد من الاختصاصات العلمية في عملية التجميع والتوثيق فلقد استعان فريق العمل على سبيل الذكر بعلماء اجتماع لفهم كل الظروف المتعلقة بإنتاج تلك المضامين وكل المعطيات الاجتماعية وغيرها التي ستساعد الباحثين والمؤرخين لدراسة تلك الحقبة الهامة من تاريخ تونس والآن وبعد وضع النواة الأولى لهذه التجربة يدعو كل المهتمين بعالم التوثيق والبحث وحفظ الذاكرة المساهمة في تطوير وإثراء هذه الموارد.
البوابة – نائلة الساحلي