هل نعرف الإسلام أكثر بدمجه في تاريخ الإنسانية أم بفصله عن السياقات والثقافات والحضارات الأخرى؟ هل من معرفة علمية في مجال الأديان بعيدا عن الانحياز الديني ونتائجه المأساوية؟ لماذا لا تساعد الأعمال البحثيّة في المجال الديني رغم أهميتها في رفع مستوى الوعي الجماعي بالمسألة الدينية؟ أسئلة عدة يطرحها الواقع الثقافي المتحول وسيحاول معهد البحوث في الأديان التباحث بشأنها حتى لا يحتكر شق بعينه التفكير في الظاهرة الدينية.
أسس فريق من الأساتذة الجامعيين في اختصاصات عدة كالدين والحضارة واللغة وغيرها معهدا للبحوث في الأديان، برئاسة الصادق بالعيد أستاذ القانون الدستوري وهو مؤسسة بحثية غير إشهاديّة مقرها كلية العلوم الإنسانية بتونس.
الدين مظهر من مظاهر الثقافة
يعيش السياق السياسي والمجتمعي تحولات عميقة كان لا بد للخطاب الديني العلمي أن يتخذ مكانة مغايرة في المشهد الفكري والإعلامي خشية أن يهيمن الفكر الواحد والتعبير الواحد ولان اعتبر البحث في الأديان مسالة قديمة فان بعث معهد البحوث في الأديان يرمي إلى نشر المعرفة الدينية الحديثة بطريقة علمية كما عبر عن ذلك الأستاذ وحيد السعفي المنسق العام للمعهد وإلى توسيع دائرة الاهتمام بالظاهرة الدينية خارج أسوار الجامعة وخارج الإطار الأكاديمي الضيق وعن الأسلوب المعتمد قال الأستاذ وحيد السعفي أن المعهد لن يقتصر على البحث والدرس بل سيقدم المحاضرات وسينضم اللقاءات الثقافية لا داخل الجامعة فقط بل في الفضاءات العامة وكذلك نشر البحوث فلا بد من إدراج هذا العلم في مجال الثقافة العامة لان الدين رافد من روافد الثقافة يقول الأستاذ وحيد السعفي « هذا المشروع يندرج ضمن المشاريع الكبرى للثقافة العالمة المؤسسة للثقافة المتعددة الاختصاصات والاتجاهات بعيدا عن الثقافة الشعباوية »
يعتقد المفكر حمادي بن جاب الله ، أن أهم ما يجب العمل عليه في إطار معهد البحوث في الأديان مسالة تناغم الدين الإسلامي مع متطلبات العصر مضيفا في إشارة إلى مسالة الإعجاز العلمي وعدم اعتماد البحوث والعلوم في تفسير الظواهر الطبيعية، لماذا ننفرد نحن الشعوب العربية بالتخلف؟ إلى متى نمدد في عمر الأميّة في مجتمعاتنا؟ هل مصيرنا الجهل أم بإمكاننا تغيير الأمور؟ وهي بطبيعة الحال أسئلة تفيد الدعوة إلى التفكير المنطقي العقلاني لتطوير مجتمعاتنا فمنذ عصور كان التعاطي مع المسالة الدينية على أساس شخصي، الكلّ يدافع عن معتقداته الدينية باعتبارها الحقيقة والكل يحاول الكفاح في سبيل فرض تمشي بعينه مضيفا أن التاريخ يخبرنا عن النتائج المأساوية للانحياز الديني والعقائدي معتبرا، أن معهد البحوث في الأديان سيحاول إدخال لحن جديد على هذه المقاربات..
أما عن منهجية العمل صلب المعهد تقول الأستاذة هنيدة حفصة أن معهد البحوث في الأديان سيقوم بالبحث من منطلق علمي نقدي فالهدف على حد تعبيرها النفاذ إلى عمق الظاهرة الدينية لأنها من أهم العناصر التي تكيف وعي الناس. ولتحقيق الموضوعية العلمية لا بد من الاعتماد على أسس علمية كالمقارنة بين مختلف المقاربات والحضارات والأيديولوجيات وهذا ما يفتقر إليه التفكير المعتمد حاليا في ما يتعلق بالدين على حد تعبيرها. وسيكون الانطلاق في 2018 ب قراءة النصوص المؤسسة للظاهرة الدينية:المقاربات والمناهج وستكون سنة 2019 للبحث العلمي حول الأديان في تونس وفي 2020 سيهتم المعهد بالشأن الديني والحداثة.
. ولقد كان بعث هذا المعهد مناسبة للحديث والنقاش عن مسائل عدة متعلقة بطريقة التواصل حول هذا الاختصاص العلمي الدقيق وكيفية رفع مستوى اهتمام الناس به لا سيما فئة الشباب فلقد قدم الحضور مقترحات عملية كاعتماد شبكات التواصل الاجتماعي وهو المجال الذي يحتكره إلى حدود الساعة الفكر الديني المتطرف.
لبوابة الاذاعة التونسية نائلة الساحلي