بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمسرح الموافق ليوم 27 مارس من كل سنة، احتفى مساء امس الاربعاء قطب المسرح والفنون الركحية بمدينة الثقافة بالقيم الفنية والتعبيرية للفن الرابع، وذلك بحضور ثلة من أهل المسرح والمهتمين بهذا الفن.
وانطلق الحفل بتلاوة البيان العالمي للمسرح الذي كتبه هذا العام المسرحي الكوبي « كارلوس سيلدران » وترجمه إلى العربية المسرحي الجزائري « سفيان عطية » وتمت تلاوته في كل مسارح العالم من بينها مسرح الجهات بمدينة الثقافة مع الممثلة « جميلة الشيحي ».
ومن المقتطفات المؤثرة التي كتبها « كارلوس سيلدران » في البيان العالمي للمسرح لهذا العام قوله « قبل معرفتي بالمسرح والتعرف عليه كان أساتذة المسرح الذين هم أساتذتي موجودين هنا كانوا قد بنوا إقامتهم ومناهجهم الشعرية على بقايا حياتهم الشخصية. الكثير منهم الآن غير معروفين أو لا يُستحضرون كثيرا في الذاكرة، كانوا يعملون في صمت وفي قاعات التدريبات المتواضعة داخل مسارح مزدحمة…بعد سنوات من العمل والإنجازات الرائعة راحت أسماؤهم تتوارى تدريجيا ثم اختفو….عندما فهمت أن قدري هو اتباع خطواتهم فهمت أيضا أنني ورثت من تقليدهم الفريد والمدهش العيش الآن وفي الحاضر دون أن آمل سوى في الوصول إلى تلك اللحظة الشفافة وغير القابلة للاستنساخ، لحظة اللقاء مع الآخر في ظل المسرح، لا يحمينا إلا صدق إيماءة وكلمة تعبر عن الكثير ».
هذا البيان الذي جاء محملا بدلالات وقراءات تنم عن تجربة طويلة حملت في طياتها صعوبات ونجاحات، تلته « جميلة الشيحي » على ركح يلفه الظلام، مرفوقة بلوحة تعبيرية وموسيقى الكمنجة منسابة مؤثرة حزينة. هو صوت الكمان الذي يعطي للمفردات إحساسها ويضفي عليها معناها الأعمق.
وقبل تلاوة البيان العالمي للمسرح، عرض قطب المسرح والفنون الركحية فيديو يوثق لنشاطاته على مدى موسم افتتاح مدينة الثقافة: « أب الفنون في مدينة الثقافة.. سنة من البهجة ». في 61 ثانية فقط تم خلالها استعادة لحظات من البهجة الحقيقية مع عروض مسرحية تونسية متنوعة المدارس.
وفي القسم الأخير من الاحتفالية تم عرض مسرحية « انتليجنسيا » نص « عبد الوهاب ملوح » وساعده في الكتابة « الجليدي العويني »، دراماتورجيا وإخراج « نزار السعيدي »، وتمثيل « جمال ساسي »، و »آمال الكرّاي »، و »علاء الدين شويرف »، و »انتصار العيساوي » و »فاطمة عبادة ».
تدور المسرحيّة في اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت (الإنعاش)، وتضع الشخصيات الأساسية في مواجهة حقيقتين: الأولى هي اقتراب « مجد » الشخصية الرئيسية من الموت ليس بسبب محاولة انتحار فاشلة بشرب « الجفال » وإنما بسبب خطإ طبي فادح. والثانية هي انهيار القيم والمبادئ والواعز الأخلاقي الذي يشدنا عادة ويمنعنا من ارتكاب الحماقات. هي قصة شاب في مرحلة الموت السريري، يحاول والده رجل الفكر والأستاذ الجامعي أن يكشف الحقيقة ولكنه يتعرض للابتزاز ويعده المشرفون على المستشفى بامتيازات مادية لو التزم الصمت، لذلك تتشكل لديه تلك الأفكار الردعية التي ترغمه على التراجع والتزام الصمت، ويخسر بذلك قيمه وإنسانيّته التي يطالها الفقر الروحي والقيمي.