في اليوم قبل الأخير من الدورة الخامسة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب التقى عدد من المبدعين والمثقفين من تونس والجزائر وفلسطين وسويسرا وفرنسا للحديث عن الأدب الرعوي وأغاني الرعاة ودور الكتاب في إعمار الفلاة، وهو لقاء انتظم بالاشتراك بين هيئة تنظيم المعرض والمركز الثقافي للفنون والحرف بجبل سمامة من ولاية القصرين.
اللقاء أداره الناشط الثقافي عدنان الهلالي وأثث مداخلاته مجموعة من الضيوف الذين كانوا شاركوا في الدورة الثامنة لعيد الرعاة بسمامة أيام 7 و8 و9 أفريل الحالي وهم توفيق العوني ويحيى السبع من الجزائر وجيني بياجيت من سويسرا وغابريال فور من فرنسا إلى جانب الكاتبة والروائية الفلسطينية ثورة حوامدة. وقد تخلل حديث الضيوف معزوفات موسيقية وغنائية ذات علاقة بالرعاة، بمشاركة العازف الايرلندي دافيد هوبكينز.
مثلت العلاقة المتينة بين الرعاة وأراضيهم محور اهتمام كل المتدخلين، الذين شددوا على ثراء ثقافة الرعاة وسكان البوادي عموما ومساهماتهم القيمة في إعمار الفلاة بالأهازيج والأغاني والأشعار والعادات والتقاليد التي تمثل جزءا من التراث الحضاري والثقافي لكل البلدان من مختلف القارات.
وأشاروا إلى أن أدب الرعاة هو كل ما يهم عادات الشعوب وموسيقاهم العذبة وعزفهم وأغانيهم، ومن أشهر ما عرف عن الرعاة هو شعرهم البدوي (الشعبي) وهو في أغراضه متصل اتصالا وثيقا بالرعي وثقافة الرعي وكل ما يتصل بها من فنون الحكي ومن حكمة وغيرها من المواضيع التي تعالج مشاكل الحياة اليومية.
وأكدوا على أن « البداوة ليست عيبا » داعين إلى معاقبة كل من يتهم البدوي بالتخلف والرجعية لأن ذلك هو شكل من أشكال التمييز العنصري.
ومثل اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها أدب الرعاة وثقافتهم إذ أن جانبا كبيرا من تلك الثقافة والإبداع لا يصل العوالم الأخرى ولا يبارح محيط الرعاة الجغرافي وذلك لأنه يكتب أو يقال باللغة المحلية فالعديد من النصوص الإبداعية « تخذلها اللغة ولا تُترجم ».
وشدد الحاضرون على ضرورة الاستثمار في هذا الإبداع فنيا سينمائيا وشعريا وتشكيليا، مؤكدين على أهمية إعادة الاعتبار إلى الشخص البدوي لأنه ساهم « إبداعيا واستمراريا في بناء الوطن واستقراره وسياسيا واجتماعية واقتصاديا »، وكذلك إلى خصوصياته وإسهاماته في الثقافة.
ودعوا إلى عدم « بخس الجبال حقها في الثقافة »، معتبرين أن « كل ثقافتنا هي في الأصل بنت البادية »، وانه « مهما علا الغصن لن تكون له حياة دون جذور والبادية هي الجذور وهي الأصل. »