تتواصل ردود الأفعال الرافضة « لمشروع قانون أساسي يتعلق بحماية قوات الأمن الداخلي والديوانة » أو ما يعرف ب »قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة » المعروض على الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب اليوم الاربعاء، رغم جملة التعديلات المدخلة على نسخته الأصلية خلال مناقاشته في لجنة التشريع العام .
ويثير مشروع قانون « زجر الإعتداء على القوّات المسلّحة » الذى بقى في رفوف البرلمان منذ سنة 2015 ، جدلا واسعا وانتقادات في صفوف عدد من الهيئات المهنية على غرار الصحافيين والقضاة والمحامين الى جانب اطياف من المجتمع المدني الناشطة في مجال حرية التعبير وحقوق الانسان حيث اعتبروا هذا القانون « خطرا على حقوق وحريات المواطنين والمواطنات » و »تقنينا لعودة الاستبداد وتكميم الأفواه ولدولة البوليس ».
وجدد عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء في مجال حقوق الانسان الدعوة إلى سحب مشروع القانون وعدم المصادقة عليه لما تضمنه « من مساس واضح بالحريات العامة والفردية المضمنة بالدستور » معتبرين أن « المنظومة القانونية التونسية لا تشكو من أي فراغ تشريعي في مجال حماية الامنيين، مثل ما يدّعيه المدافعون على هذا القانون ».
فقد دعت عدة جمعيات ومنظمات ومنها بالخصوص المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والبوصلة وجمعية القضاة والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات،نواب الشعب إلى رفض مشروع هذا القانون معتبرة في بيان مشترك أصدرته أمس الثلاثاء تحت عنوان « عودة برلمانية مفزعة »، أن « المشروع لا يزال يمثل خطرا على حقوق وحريات المواطنين والمواطنات رغم التعديلات التي تم إدراجها ».
واضافت أن هذا المشروع « ينتصر لمصالح قطاعية ضيقة في شكل مجلة جزائية موازية »، كما أنه يمثل نسفا لمبدأ وضوح الأحكام الجزائية لما يحمله من عبارات فضفاضة وانتهاكا لمبدأ قاعدة التناسب بين الفعل الإجرامي والعقوبة المستوجبة.
كما نفذ نشطاء بالمجتع المدني ومجموعة من المنظمات غير الحكومية أمس الثلاثاء، وقفة احتجاجية أمام المبنى الفرعي للبرلمان، للتعبير عن رفضهم لعرض مشروع قانون « زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح » أمام الجلسة العامة والمطالبة بعدم المصادقة عليه.
وفي هذا الصدد ،أكدت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب « إيقاف عدد من المتظاهرين خلال هذه الوقفة، متهمة قوات الشرطة باستعمال القوة المفرطة والاعتداء على المتظاهرين ».
من جهة اخرى ،دعت نقابات ومنظمات حقوقية وطنية ودولية في رسالة مفتوحة وجهتها يوم امس الثلاثاء، رئيس الجمهورية، الى ممارسة حق النقض طبقا للفصل 81 من الدستور بخصوص عدد من المبادرات التشريعية في الدورة النيابية الثانية 2020-2021.
وأكدت هذه المنظمات ومن بينها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ومراسلون بلا حدود ومنظمة العفو الدولية – تونس- والنقابة العامة للإعلام والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، على الخطر الذي يمثله مشروع قانون « زجر الاعتداء على القوات المسلّحة .
وقالت في هذا الاطار إن هذا القانون « يتضمن أحكاما قانونية من شأنها تقييد الحق في حرية التعبير بصورة متعارضة مع أحكام الفصلين 31 و49 من الدستور حيث تضمن عبارات غامضة وغير دقيقة صلب الفصل الثاني الذي يجرم المساس بالروح المعنوية للقوات والأعوان أو بحياتهم أو ممتلكاتهم وتنسحب هذه الحماية على أقاربهم.
في المقابل أكد المدافعون عن مشروع القانون وخاصة منهم النقابات الأمنية، أن هذا النوع من القوانين « معمول به في أعتى الديموقراطيات، وهو لا يتعارض مع مبادئ حقوق الانسان، وطالبوا بتوفير الضمانات الكافية لحماية الأمنيين ».
وقد تضمنت الصيغة النهائية لمشروع القانون الوارد في 20 فصلا والذي صادقت عليه لجنة التشريع العام يوم 24 جوان الماضي، كما تم تعديل تسمية مشروع القانون من « مشروع قانون يتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة »، إلى « مشروع قانون أساسي يتعلق بحماية قوات الأمن الداخلي والديوانة ».
ومن بين المسائل التي كانت لجنة التشريع العام حسمت فيها في اجتماعها يوم 24 جوان الماضي، مسألة تصنيف مشروع هذا القانون ضمن القوانين العادية أو الأساسية، حيث تم وبأغلبية الحاضرين التصويت على إدراجه ضمن القوانين الأساسية باعتباره يتضمن فصولا تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان.