تحتفل تونس اليوم الخميس، باليوم العالمي للبحر على غرار بقية دول العالم، في وقت لازالت تفتقرفيه إلى مقومات وإمكانيات تساعدها على مقاومة التلوث البحري والتصدي للتجاوزات والانتهاكات المتكررة للمجال البحري.
ويعتبر السيد سمير الخضيري، مراقب عام بوكالة الوطنية لحماية المحيط مكلف بالتلوث الصناعي، أن تونس معرضة بصفة خاصة للتلوث البحري نظرا لموقعها الجغرافي في وسط البحر الابيض المتوسط الذي يسجل معدل حركة 220 الف باخرة في السنة. كما تشرف تونس على أهم ممر بحري في هذا الموقع وهو الموقع الفاصل بين الوطن القبلي وجزيرة صيقلية الذي تبلغ عدد البواخر المارة به معدل 90 الف باخرة فضلا عن البواخر الحربية وأساطيل الصيد البحري الناشطة في هذا الفضاء.
كما تعد تونس من البلدان المعنية والمساهمة، ولو بجزء أقل من بقية الدول، في تلوث البحر الابيض المتوسط، خاصة بالنفايات البلاستيكية. فحسب تقرير للصندوق العالمي للطبيعة تنتهي سنويا، 5 ر8 ألف طن من النفايات البلاستيكية التي تنتجها تونس في البحر الأبيض المتوسط. ويخسر الاقتصاد التونسي سنويا ما يقارب 20 مليون دولار بسبب التلوث البلاستيكي الذي يؤثر أساسا على قطاعات السياحة والصيد البحري والنقل البحري إلى جانب الاضرار التي يسببها للطبيعة.
ورغم أن البلاد أحدثت كتابة الدولة لشؤون البحر، رسميا في 2019 الا ان تحديد مهامها لم يتم الا بعد سنتين تقريبا وبمقتضى قرار حكومي في جوان 2021، والى حد الان لم يتجاوز عدد العاملين في هذا الهيكل الذي تترأسه أسماء السحيري أصابع اليد الواحدة.
في حين يتعرض المجال البحري و سواحل البلاد الممتدة على 1300 كلم وفي محيط موانئها ومنها 7 موانئ بحرية تجارية، للكثير من الانتهاكات و التلوث بينما لا يتجاوز عدد المراقبين البحريين ال40 مراقبا منهم 13 متواجدين بالولايات الساحلية. وتشمل تدخلات هؤلاء المراقبين المواني التجارية والترفيهية ومواني الصيد البحري إضافة الى كل مصبات المياه في البحر والمنصات الخاصة باستخراج المحروقات المتواجدة في البحر أو ما يسمى بالتلوث غير المقيم.
« وعلى الرغم من فرص التشغيل الكبيرة التي يفتحها المجال البحري وإمكانيات خلق الثورة وحل عدة مشاكل في البر على غرار ندرة المياه من خلال مشاريع تحلية المياه فإنه لا يحظى بالعناية اللازمة »، حسب السيد سمير الخضيري، مراقب عام بوكالة الوطنية لحماية المحيط مكلف بالتلوث الصناعي البحري .
وقد قامت تونس خلال الفترة الماضية بإعداد خطة وطنية لتنفيذ الاستراتيجية الاقليمية للوقاية من التلوث البحري خلال الفترة الممتدة 2016 /2021 وذلك بناءا على التزاماتها الدولية في هذا المجال، غير أن هذه الخطة بقيت « حبرا على ورق » بل « انها لم تغادر الادراج » حسب المراقب العام للتلوث الصناعي، سمير الخضيري.
صندوق للتصدي للكوارث البحرية، لم لا؟
ورغم تزايد الاخطار المحدقة بالبيئة البحرية في البلاد واتساع المجال البحري التونسي، فإن تونس لا تملك صندوقا خاصة بالتصدي للكوارث البحرية يمكنها من التدخل بالموارد الكافية وفي الوقت المناسب لمثل هذه الحوار.
علما ان لتونس التزامات إقليمية على غرار التزامها مع الجزائر والمغرب في إطار المخطط الاستعجالي شبه الإقليمي للاستعداد والتصدي لحوادث التلوث البحري في منطقة جنوب غرب البحر الأبيض المتوسط.
وتعتبر تونس من البلدان التي يحظى فيها قطاع الصيد البحري بمكانة استراتيجية. فقد ركزت البلاد بنية تحتية هامة لهذا القطاع تمثلت في إحداث أكثر من 31 ميناء صيد، عشرة منها للصيد العميق مثل موانئ المهدية وطبرقة وبنزرت وسوسة وقليبية وجرجيس وقابس والشابة، والبقية موانئ ساحلية.
ويمكن أن يلعب قطاع الصيد البحري والبحارة في تونس دورا كبيرا في التصدي للتلوث البحري الذي أصبح يهدد مياه البحر في العديد من مناطق البلاد ويضر بالثروة السمكية، مثل خليج تونس خاصة على مستوى مصب واد مليان وفي جهتي بنزرت على مستوى واد الرمال وفي جهتي صفاقس وخليج قابس حيث قضت الصناعات الكيميائية على المنظومات البيئية. أما بالنسبة لاكبر الملوثين للبحر الابيض المتوسط فنجد بينهم تركيا واسبانيا وايطاليا ومصر وفرنسا.
وفي العالم اختارت المنظمة البحرية الدولية، هذه السنة، شعار » البحارة : في صميم مستقبل النقل البحري » ، للاحتفال باليوم العالمي للبحر والاحتفاء بقّصص رجال البحر الذين أظهروا الكثير من الصلابة والتصميم على الاستمرار في تسيير التجارة العالمية في ظل أزمة « كوفيد 19″ التي اجتاحت العالم بأسره علما ان دولا مثل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا واستراليا عرفت باحتفالاتها الخاصة بهذا اليوم.