« يبدو لي أن كل ما أعرفه عن حياتي تعلمته من الكتب » مقولة للكاتب والفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر، مثلت عنوان البيان الذي نشرته وزارة الشؤون الثقافية على صفحتها الرسمية بمناسبة اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلّف الموافق لـ 23 أفريل من كلّ عام.
وبينت الوزارة في بيانها أن الاحتفال بهذا الموعد السنويّ له أثر كبير لدى كل الكتاب والمبدعين، نظرا لما يمثّله الكتاب والمبدع من رمزيّة في ضمائر الشعوب وفي وجدان كلّ مواطن مثقّف، ولما يحظى به الكتاب والمبدع من مكانة عند هياكل الوزارة.
وتعدّ هذه المناسبة المجيدة، حسب ما ورد في البيان، محطّة يتم فيها استجلاء مناقب الكتاب ومآثره في توطيد أواصر الصلة بين بني البشر، وتوسيع آفاقنا، وتحفيز أذهاننا وإطلاق العنان للإبداع الكامن فينا. فهو على حدّ رأي العارفين به، يجلو العقل، ويشحذ الذهن، ويحيي القلب، ويقوي القريحة، ويعين الطبيعة، ويبعث نتائج العقول، ويستثير دفائن القلوب، ويمتع في الخلوة، ويؤنس في الوحشة، وتصل لذته إلى القلب، من غير سآمة تدرك. وهو الجواز الذي يسافر بنا في الزمان لنجتاز سُجف الجهل، ويرتحل بنا في المكان لننحت به وفيه إنسانيتنا بالتثاقف وتبادل الفعل القرائيّ إبداعا ونقدا، وفهما وتذوّقا.
وورد في البيان أنه « لا مِراء في أنّ معاشرة الإنسان للكتاب تكسبه من الفضائل ما تنوء به انتظارات الأفراد ولا يعرف لذته إلا من صحبه وأنزله وكاتبَهُ ما يستحقّان من رفعة وتعظيم، فللكتاب قوّة كامنة فيه تحمل سبب خلوده، إذ بفضل ما نزرع من حبّ للكتاب في أطفالنا نكون قد بذرنا حب الحياة في قلوبهم ما طال عمرهم ومّكّناهم من أن يعيشوا أكثر من حياة ».
كما أكد البيان على أهمية ترسيخ ثقافة القراءة وحبّ الكتاب في المجتمع لتعبيد سبيل الوحدة الاجتماعية بين أفراده، فتتقاطع الأذواق والاهتمامات والقيم والأفكار بين ذواته، وحفّزنا الأنفس على تبادل الآراء وتشارك الفكرة ونزعنا عن كلّ ذات منه مشاعر الوحدة والعزلة والقلق والجنوح. وبهذه اللطائف التي يختزنها الكتاب نكون قد جلونا دوره في صون الأمن الثقافيّ الوطني وحفظ النسيج القيمي الاجتماعي في عالم العولمة المنفتحة على ثقافات شتّى لا يمكن محاورتها والتفاعل معها دون تشبّع بالثقافة الوطنيّة أوّلا.
وللكتاب قوّة فريدة في كونه كيانا جامعا لمختلف الفنون التي تلتقي عند صحائفه، فهو ديوان المبدعين يحفظ تجاربهم ويجلي رؤيتهم للعالم، وهو لسانهم في التعبير عن أفكارهم ويثبّت أثر عقولهم في غُرّة الدهر، حسب ما جاء في البيان.
وشدد البيان على أن الكتاب بفضل كلّ ما أوتي من مآثر، لا يكون محقّقا لهذا الفضل إلا متى حظي باهتمام مؤسساتيّ رسميّ يولي الكاتب المبدع منزلته من التبجيل بما يضمن حقوق تأليفه ويفتح أشرعة الطباعة والترويج لتجسير الهوة بينه وبين القارئ، ويستعيد ثقة المبدع في فضائل رسالته التي يحملها لمجتمعه وللإنسان. وتكريمُ الكاتب والكتاب هو أُسٌّ من أسس السيادة الوطنيّة، إذ لا يمكن الخوض في هذا الموضوع والكاتب مغترب بين أهله.
فالكتاب صناعة وفنّ كسائر الفنون، تحتاج إلى شروط، وترتكز على مجموعة من الأعمدة الأساسية التي من دونها لا يمكن أن يكون الكاتب نابغاً أو نبيهاً أو حتى يمكن له الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم.
ولأجل هذه الأهداف السامية ستسعى وزارة الشؤون الثقافية لتكون رافعة تأخذ بعضد المبدعين وتذلّل مسيرتهم في الكتابة والنشر.