افتتحت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي معرض المجموعة الدائمة « ذاكرة أجيال »، مساء اليوم الجمعة، بمقر المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي. وجرى الافتتاح بحضور عدد من سفراء الدول الشقيقة والصديقة بتونس وثلّة من الفنانين التشكيليين وأهل الثقافة والفن والإعلام.
ويغطي هذا المعرض الدائم والذي سيتم تحديثه بانتظام، الفترة من 1894 إلى 2004، ويضم أكثر من 300 عمل فني من رسم ونحت وحفر ونسيج وأشكال فنية أخرى تعود لـ 170 فنانا تونسيا من مختلف الأجيال إلى جانب فنانين أجانب كانت تونس وثقافتها عنوانا بارزا للوحاتهم الفنية.
ويتيح للزائر هذا المعرض المقسم مساره على طابقين، متابعة تطور إبداع فنانين من أجيال متعددة، حيث تتداخل وتتلاقى الرؤى والأساليب والمحامل التشكيلية والخطى الإبداعية المتنوعة، فيروي قصة لا نظير لها للفنون البصرية تحت سماء تونس.
ويقدم هذا المعرض لزواره دراسة متأنية لتطور الفنون البصرية في تونس. كما يسلّط الضوء، من خلال الأعمال الإبداعية المعروضة، على أكثر من قرن من الإبداع الفني في تونس، حيث يجسد ذاكرة وطن ويكشف عن تُحف فنية تمّ حفظها منذ عقود بعناية في الرصيد الوطني للفنون التشكيلية وذلك بإشراف من وزارة الشؤون الثقافية.
وقالت وزيرة الشؤون الثقافية، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، إن هذا المعرض يمثّل ذاكرة شعب بأكمله، وهو مناسبة لإبراز مكامن التفرد والثراء في رصيد تونس وفيما صاغته أنامل الفنانين التونسيين على امتداد عقود من الزمن من أعمال تعكس رفعة الذائقة التونسية ورقيها، وتوثيق الأحداث التي عاشوها في عصرهم وإبراز العادات والتقاليد.
وأكّدت الوزيرة على ما يتمتع به المبدع التونسي من إحساس مرهف وإيمان بقيم الفن والجمال وحب للحياة في أسمى تجلياتها، وما تميز به من قدرة على تطويع الرسوم والصور والأشكال لينحت لغة كونية معبرة عن أفكاره ورؤاه ورسائلها التي تنطلق من الواقع أو من بعض ملامحه أو من المتخيل، فتأخذ الإنسان في رحلة وجدانية وحسية ثم عقلية مخصوصة وفريدة. وقالت إن معرض « ذاكرة أجيال » هو ثمرة أخرى من ثمار سعي وزارة الشؤون الثقافية والمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر إلى إيلاء الفن التشكيلي المكانة المستحقة.
من جانبها، تحدّثت المديرة العامة للمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر أحلام بوصندل عن أهمية هذا المعرض ودوره في حفظ الذاكرة الوطنية وهو جزء من الرصيد الوطني في الفنون التشكيلية.
وأفادت أن « ذاكرة أجيال » تنقسم إلى ثلاثة محاور: يهتم المحور الأول منها بـ « ولادة رؤية فنية »، وهو يجمع بين لوحات الروّاد، ومن ثم التكامل التدريجي مع الفنانين التونسيين وبشكل رئيسي مع مدرسة تونس ومعاصريها. ويتناول هذا المحور مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك المشاهد الطبيعية والطبيعة الصامتة وفن البورتريه ومشاهد من الحياة اليومية.
أما المحور الثاني، فيهتمّ بـ « النزعات الحديثة »، وهو يجمع بين التيارات الفنية المختلفة، بما في ذلك التجريد، مع التركيز على تحول القرن وسنوات السبعينات. ويعكس هذا المحور نزاعات الفنانين خلال هذه الفترة بين تمثيل الموضوع وتجاوز القواعد الفنية السائدة بتبني رؤية فنية فريدة ورؤية تتناغم مع هروب إبداعي وتجاوز قوانين وأسس فنية سابقة.
ويتناول المحور الثالث العديد من الأقسام الفرعية مثل « نحو تشخيصية جديد » و « تعديل للفضاء » و « الأجيال المعاصرة ». ويسلط هذا القسم الضوء على جيل متنوع من الفنانين الذين اتبعوا الاتجاهات الجديدة مع إضفاء كل منهم للمساتهم الشخصية في إنتاجاتهم الفنية.
ويهدف هذا المعرض، وفق أحلام بوصندل، إلى عرض النهج الجمالي الذي تبناه الرواد. كما يسلّط الضوء على مساهمة فناني مدرسة تونس والتونسيين الشبان الذين ظهروا في السبعينيات وخاصة الفنانين الذين اتبعوا الحداثة وتكيفوا مع التطورات الفنية في عصرهم.
وتولّت وزيرة الشؤون الثقافية بالمناسبة تكريم عدد من الفنانين التشكيليين التونسيين وهم كوثر الجلازي بن عياد وبسمة هلال ومحمد الهادي العايب وفوزية الهيشري والصادق قمش.