دعا عدد من نواب الغرفتين البرلمانيتين ، اليوم السبت ، إلى إعادة الخارطة القنصلية ،وتحسين مستوى خدمات التمثيليات الدبلوماسية بالخارج، وتسيير التواصل معها بالمراهنة على الرقمنة ،وذلك لتسهيل الإجراءات للجالية التونسية بالخارج .
كما دعوا في مداخلاتهم خلال مناقشة مهمّة ووزارة الشؤون الخارجيّة والهجرة والتونسيين بالخارج إلى ضرورة مراجعة برنامج التـأشيرة على اساس مبدأ النديّة والشراكة مع كل البلدان ،الى جانب الحرص على تحسين التواصل مع أبناء الجالية،خاصة الراغبين منهم في الاستثمار في تونس ،والعمل على تذليل الصعوبات التي يتعرّضون إليها والناجمة بالخصوص ، عن التعقيدات الإدارية.
وتطرقوا أيضا، إلى مسألة الهجرة غير النظامية في تونس وإلى ضرورة إيجاد خطّة إستراتيجية واضحة للتعامل مع هذه الظاهرة التي تستدعي التنسيق مع كل الدول، خاصة مع الجانب الأوروبي قصد إيجاد حلول جماعية .
وفي هذا الجانب، تساءل النائب أنور المرزوقي (مجلس نواب الشعب) عن دور الوزارة الحالي مع جميع المتداخلين وطنيا وخارجيا ، خاصة دول المنشأ والدول الأوروبية في علاقة بملف الهجرة غير النظامية الذي أصبح محورا قارا وشرطا من شروط التعاون الاقتصادي .
كما طالب بضرورة إعادة الانتشار الدبلوماسي والقنصلي ،خاصة في إفريقيا وإلى تنويع الشراكات مع أهم الأسواق العالمية الواعدة بإفريقيا وجنوب شرق اسيا على حد السواء .
بدوره تطرّق عزيز بالأخضر (مجلس نواب الشعب) إلى محاور مهمّة الخارجية وإستراتيجيتها وخطّة عملها، مبيّنا أن مهمة الوزارة ضبطت في حدود 366ر607 مليون دينار مقارنة ب344 مليون دينار لسنة 2024 أي بزيادة 6ر57 بالمائة توزّعت بين 231 ر890 مليون دينار لبرنامج العمل الدبلوماسي و107ر730 مليون دينار لبرنامج العمل القنصلي والتونسيين بالخارج و26ر985 مليون دينار لبرنامج المساندة والقيادة .
فيما توزّعت نفقات المهمّة إلى 200 مليون دينار لنفقات التأجير و83ر885 لنفقات التسيير و62ر600 مليون دينار لنفقات التدخلات و16ر680 مليون دينار تعهّدا لنفقات الاستثمار و20ر100 دفعا .
ودعا النائب الى تحسين مستوى خدمات التمثيليات الدبلوماسية وتسيير التواصل معها بالمراهنة على الرقمنة ومراجعة الخارطة الدبلوماسية لتسهيل الاجراءات للجالية التونسية بالخارج ،وإلى ضرورة مراجعة برنامج التـأشيرة ،وإلى ضبط إستراتيجية للتصدي إلى هجرة الأدمغة بالعمل على اعادة تفعيل عدد من الاتفاقيات والاستفادة منها، إضافة إلى ضبط استراتيجية لظاهرة الهجرة غير النظامية في ظل وجود اتفاقيات ثنائية للترحيل مواطني الدول الافريقية مع إمكانية مراجعة الاتفاقيات التي تم إمضاؤها قبل 25 جويلية.
أمّا النائب عزالدين التائب (مجلس نواب الشعب) فقد أشار في مداخلته إلى أنّ الخدمات القنصلية ليست في حجم انتظارات التونسيين بالخارج ،مطالبا في الآن نفسه بالمعاملة بالمثل في مسألة منح التأشيرات ،ومؤكدا أنّه لم يعد مقبولا التعامل مع التونسيين الراغبين في الحصول على تأشيرات للسفر إلى الخارج بالطريقة المعمول بها ،والتي يكسوها نوع من التضييق جراء الشروط الكثيرة .
من جهته، تساءل النائب فاضل بن تركية (مجلس نواب الشعب) عن علاقات تونس مع الدول الغربية ، سيما وان أوروبا تعد الشريك الأول لتونس ،ويتواجد بها أكبر عدد من الجالية التونسية ،منتقدا تناسي أوروبا كشريك استراتيجي لبلادنا ، والتركيز فقط على ملف الهجرة .
ومن جانبه، تساءل النائب عماد الشتاوي (المجلس الوطني للجهات والأقاليم) عن الخطوات القادمة للدبلوماسية التونسية لتعزيز تموقع تونس دوليا .
أمّا النائب محسن بن سالم (المجلس الوطني للجهات والأقاليم) فقد تطرق الى ضرورة التخفيض في مبلغ التذاكر للعائدين الى تونس، وتسهيل الإجراءات للراغبين في الاستثمار في تونس ، مؤكدا ضرورة البحث عن اتفاقيات جديدة في علاقة بالمهاجرين غير النظاميين ،والرفع من عدد القنصليات في الأماكن التي تشهد كثافة من حيث عدد التونسيين في الخارج.
وكان وزير الشؤون الخارجية ،محمد علي النفطي قد اكد في مستهل الجلسة انّ العمل على تنفيذ سياسة تونس الخارجية طبقا للتوجهات العامة والاختيارات التي يحددها ويضبطها رئيس الجمهورية من أوكد أولويات الوزارة.
وأشار إلى أنّ الخارجيّة قد انطلقت في اطار من الانسجام الحكومي الكامل مع سائر هياكل الدولة في مرحلة جديدة قوامها العمل على تحسين العلاقات التونسية الخارجية على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف ، بما يضفي عليهاا المزيد من النجاعة والمردودية .
وقال إنّ الوزارة كثّفت نشاطها لتوطيد علاقات الصداقة والتعاون مع الشركاء التقليديين وتوسيع شبكة العلاقات عبر العالم لتأمين المساندة للبرامج والمشاريع التنمويّة الوطنية من خلال تنشيط أفضل لأدوات الدبلوماسية الاقتصاديّة.
وأكّد أنّ الوزارة أولت أهمية كبرى للعمل متعدد الأطراف إقليميا ودوليا ، وذلك بالانخراط الفاعل في العديد من المبادرات الأممية والفضاءات الإقليمية ،سيما تلك التي تكتسي صبغة اقتصادية وتنموية واجتماعية وثقافية باعتبارها الإطار الأمثل لاعلاء مكانة تونس وتعزيز حضورها بين الأمم وإسماع صوتها عاليا والتعريف بمواقفها إزاء مختلف القضايا الاقليمية والدولية.
كما لفت محمد علي النفطي الى انخراط الوزارة في مسار جديد من الحوكمة القنصلية لتحقيق نقلة نوعية في منظومة العمل القنصلي تمكّن من تقريب الخدمات ورقمنتها.
واوضح في هذا السياق، انطلاق الوزارة في الاستغلال التجريبي للمنصة القنصلية الالكترونية ،بما يجنب مشقة التنقل وعناء الانتظار ويمكنهم من عديد الخدمات عن بعد ، مبيّنا أنّ الوزارة ستعمل على تعميم هذه المنظومة على كافة البعثات الدبلوماسية و القنصليات انطلاقا من شهر جانفي وعلى مدى النصف الاول من السنة المقبلة موازاة مع الشروع في مراجعة عديد النصوص الترتيبية قصد مزيد تبسيط العمل القنصلي ،وتوسيع شبكة التغطية القنصلية عبر فتح ومراكز مكاتب جديدة حسب الإمكانات المتوفرة.
وقال انّ الوزارة تعمل على مزيد الإحاطة بالجالية التونسية وتوطيد التواصل معها، بما يعزز الانتماء الى الوطن وهو عمل تقوم به بالتعاون مع الوزارات والهياكل الوطنية المعنية وتمثيلياتها بالخارج ،خاصة في ما يتعلق بتدريس اللغة العربية والحضارة لفائدة ابناء الجالية، وتجسيم الخطة المستقبلية الهادفة إلى تنفيذ مشروع إرساء التعليم عن بعد .
وتابع حديثه قائلا ان الوزارة تسعى إلى تطوير آليات الإحاطة بالتونسيين وتامين الحماية القنصلية لهم والتدخل لفائدتهم لدى سلطات بلدان الاعتماد لضمان احترام حقوقهم وتسهيل اندماجهم وإقامتهم و المحافظة على سلامتهم وامنهم في الظروف الصعبة .
وذكّر في هذا الجانب، بتجنّد مصالح الوزارة وبعثاتها الدبلوماسية في عدد من الدول العربية بالتنسيق المحكم مع بقية الوزارات والهياكل الوطنية من اجل تأمين رحلات جوية لإجلاء عدد هام من المواطنين المقيمين في لبنان وغزّة في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي .
كما اوضح ان الدبلوماسية التونسية على وعي تام بالتحولات السياسية والأمنية والاجتماعية والمناخية المتسارعة إقليميا ودوليا، والتي افرزت ظواهر عدة اصبحت تنذر بالخطر وتلقي بظلالها على أمن واستقرار دول وشعوب العالم ،على غرار ظاهرة الهجرة غير النظامية التي اضحت تشكل هاجسا للعديد من الدول.
وفي هذا الجانب، أكد ان تونس أوفت ولا تزال بالتزاماتها الدولية الإنسانية والأخلاقية بالاستناد الى القيم الفضلى للتضامن مع ضحايا هذه الظاهرة التي اصبحت تهدد امن تونس القومي وهو ما استدعى وضع خطط عاجلة متعددة الجوانب تشمل التنسيق ألامني والدبلوماسي واللوجستي والاجتماعي والصحي والإنساني لتطويقها ومعالجتها من خلال التشجيع على العودة الطوعية لهؤلاء المهاجرين غير النظاميين.
وشدد على حرص الوزارة في اتصالاتها مع الشركاء ومع المنظمات الاقليمية والدولة المتخصصة على تأكيد موقف تونس الرافض بأن تكون تونس منصة عبور أو فضاء للإقامة المؤقتة او الدائمة للمهاجرين غير النظاميين .
كما اشار إلى أنّ الوزارة تعمل وفي مختلف المناسبات الاقليمية والدولة عل إبراز ركائز المقاربة التونسية في التعاطي مع هذه الظاهرة التي تؤكد ان المعالجة الأمنية للهجرة غير النظامية تبقى محدودة ما لم ترافقها الحلول التي تستهدف أسبابها الحقيقية وتعالج جذورها العميقة وفق منهجية شاملة وتشاركية ومتضامنة مبنية على تقاسم المسؤولية بين جميع الدول والمؤسسات الدولية المعنية .
وجدّد في هذا الاطار ،دعوة الدول الغربية ،سيما الأوروبية والمنظمات الدولية والاقليمية المتخصصة لتتحمل مسؤوليتها كاملة في تيسير عمليات العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين من خلال تمكين المنظمة الدولية للهجرة من القيام بمهامها على الوجه الأفضل ،وما يتطلبه ذلك من مساعدات فنية إضافية ،فضلا عن الترفيع في مساهمتها المالية لهذه المنظمة حتى تمكّن اكبر قدر من المنتفعين من هذه الآلية من العودة الطوعية الى بلادهم وإعادة الاندماج في بلدانهم الاصلية.
وقال إنّ تونس تظلّ البلد الآمن لكل الوافدين عليها من بلدان العالم والقارة الافريقية متى كان ذلك بصفة نظامية ولغاية طلب العلم المعرفة أو السياحة أو الأعمال الاقتصادية والتجارية.
وفي سياق جهود تونس لخدمة القضايا العربية والاسلامية ،وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ،قال الوزير انّ تونس لم تدخر جهدا منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة في تقديم كل أشكال التضامن والدعم والاصداح بموقفها المدين للعدوان ومحاسبة مقترفيه امام المحكمة الجنائية الدولية ،وحث المجتمع الدولي على وقف العدوان.
وأكّد أنّ الدبلوماسية التونسية كثّفت تحركاتها واتصالاتها لدعم الجهود الدولية في مختلف المحافل الاقليمية والدولية لتوفير ممر امن وإدخال المساعدات ورفع الحصار الجائر على قطاع غزة والتصدي لمحاولة تصفية القضية من خلال الرفض المطلق لمخططات التهجير القسري، مبيّنا انّ تونس ستشارك يوم 2 ديمسبر القادم بالقاهرة في المؤتمر الدولي حول الاغاثة الانسانية لقطاع غزة .
كما لفت الى تضافر الجهود حول احكام التنسيق مع الهياكل الوطنية لتامين إرسال المساعدات الإنسانية لفائدة لبنان في هذا الظرف الخطير،قائلا انّ الوزارة تواصل سعيها لتطوير هياكلها وبعثاتها بالخارج وتعزيز مواردها البشرية من خلال ترشيد التصرف في الموارد والضغط على النفقات.
وأكد انّ الوزارة، و حرصا على تعزيز الحوكمة وتحسين الأداء الوظيفي بادرت بإعداد مشروع امر جديد للتمديد في عمل وحدة التصرف في الميزانية حسب الأهداف ، مشيرا الى العمل على مزيد رقمنة الإدارة من خلال تعميم منظومة تراسل عليسة صلب الادارة المركزية وبعثاتها بالخارج ، ومواصلة تطوير أساليب واليات العمل بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة .