البث الحي

الاخبار : أخبار ثقافية

كمال عمران

كمال عمران …ذاك الإذاعي اللامع صاحب الفكر الوقاد والزاد الثقافي والمعرفي الواسع …

لبوابة الإذاعة التونسية : عبد الستار النقاطي

 

          أعدت إذاعة تونس الثقافية يوم الجمعة 22 جوان 2018 برنامجا خاصا « بأربعينية » الفقيد الدكتور كمال عمران ، البرنامج نشطه الزميل سفيان العرفاوي واستضاف فيه نخبة من الدكاترة الذين جايلوه ، على غرار توفيق بن عامر الذي اشرف على رسالة كمال عمران وفؤاد القرقوري وخميس الورتاني ورمضان البرهومي والأزهر النفطي ومحمد عبد العظيم  وفوزية بالحاج وعمار التيمومي رئيس جمعية قدماء كلية الآداب بمنوبة ، إلى جانب الصحافيين علياء بن نحيلة ومحمد المي ، وقد تناول كل ضيف جانب من حياة الفقيد كمال عمران باعتباره كان متعدد الأنشطة الثقافية والإعلامية والأدبية والاجتماعية والسياسية  ، وكان لإذاعة تونس الثقافية شرف احتضانه كمنتج لبرنامج « لمع من الثقافة  التونسية   » مازال يبث في موعده ، نظرا لعدد الحلقات التي سجلها قبل رحيله .

كما  نظمت  جمعية الدراسات الحضرية و »إذاعة الزيتونة  للقرآن الكريم » يوم الاثنين 25                  جوان 2018 « أربعينية » فقيد الساحة الإعلامية والثقافية والجامعية الدكتور كمال عمران الذي وافاه الأجل المحتوم يوم الثلاثاء 13 ماي 2018. موكب « الأربعينية »  احتضنته مدينة الثقافة، وقد غصّت قاعة « عمار الخليفي » بالحاضرين من زملائه وأصدقائه وأفراد عائلته  وطلاّبه، ومن الذين عملوا معه في المناصب الإدارية التي تقلّدها، كما حضرها وزراء الشؤون الثقافية، والشؤون الدينية والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي…

          في هذا الإطار وافانا  الأستاذ محمد رؤوف يعيش مدير الإذاعة الوطنية الأسبق بالمداخلة التي ألقاها خلال موكب « الأربعينية »، وقد خصّصها للحديث عن كمال عمران الإذاعي، باعتبار أن الفقيد بدأ مشواره الإذاعي كمنتج بالإذاعة الوطنية منذ أوائل الثمانينات، ونظرا إلى ما ورد فيها من معلومات نادرة  وجوانب خفية في مسيرة الراحل المهنية، وتعميما للفائدة، ننشر محتواها في « بوّابة الإذاعة التونسية » لتبقى وثيقة حيّة ومرجعا ثمينا لرجل أعطى الكثير للإنتاج الإذاعي وترك رصيدا حافلا بالبرامج القيّمة في « الإذاعة الوطنية » وفي « إذاعة تونس الثقافية » وهي محفوظة في الخزينة المسموعة.

وإجابة عن سؤال حول معرفة الأستاذ محمد رؤوف يعيش بالدكتور كمال عمران وعلاقته به  على مدى سنوات طويلة قال :

تعود معرفتي بالمغفور له إلى بدايات الثمانينات داخل أسوار مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية، حيث كنت أصادفه في أروقتها المؤدية إلى « الاستوديوهات » مع زميليه المنصف الجزار والباجي القمرتي فنتبادل التحية، وقد كانوا يشكّلون إلى جانب التدريس ثالوثا اهتمّ بإلقاء المحاضرات لفائدة تلاميذ الأقسام النهائية في التعليم الثانوي، وكانوا يجوبون ولايات الجمهورية نهاية كل أسبوع وتحت إشراف « اللجنة الثقافية القومية » ويلتقون بالشباب المدرسي ويتحدثون إليه عن أدباء « الباكالوريا »، وسرعان ما لفتوا بنشاطهم الدؤوب المسؤولين في الإذاعة، فتمّت دعوتهم لإنجاز حصة أسبوعية في الإذاعة بعنوان « المدرسة المفتوحة »، وتعذّر على الأستاذ الباجي القمرتي مواصلة المشاركة في البرنامج بسبب مشاغله الوطنية ومسؤولياته البلدية …

          تلك إذن كانت الانطلاقة، وأصبح كمال عمران والمنصف الجزار متلازمين في إعداد البرامج التي يقترحانها على إدارة الإذاعة وتكوّنت لديهما منهجية خاصة بهما في التقديم، من أبرز سماتها التكامل عند طرح القضايا المتناولة ومناقشتها، بعيدا عن الرتابة والاجترار .

وبمرور الأعوام توطّدت علاقتي بالمنعّم المبرور، خصوصا بمناسبة تعييني خلال سنة 1988 نائبا لمدير الإذاعة مسؤولا عن البرامج، عندها اقتربت من كمال عمران واكتشفت خصاله الإنسانية الرفيعة، مثل التواضع والتحلي بالأخلاق الفاضلة والبشاشة ورحابة الصدر والإيمان بالحوار ولاحظت شغفه الكبير بالعمل الإذاعي، وأدركت ثقافته الموسوعية في مجالات الفكر والحضارة العربية الإسلامية والأدب والشعر وسائر الفنون، كما انبهرت بقدرته  الفائقة على الارتجال الإيجابي وإجادة الحديث في مختلف المواضيع التي يتطرّق إليها بأسلوبه الجذّاب وطريقته المتفرّدة في التبليغ والتواصل، على نحوٍ يجعل كلامه ينساب انسيابا، يشدّ المستمع، إلى درجة الإعجاب الشديد بسعة معارفه وغزارة معلوماته وفصاحة لسانه …

ولعلّه من حسن حظّي أنّ صلاتي بالراحل ازدادت متانة ووثوقا وذلك بمجرّد تسميتي في مطلع التسعينات مديرا للإذاعة الوطنية، مع الإشراف على إذاعة تونس الدولية.

وكان المرحوم كمال عمران يزورني بانتظام في مكتبي ويعرض عليّ شخصيا قبيل انطلاق الشبكات البرامجية، ودون المرور بالمصالح المعنية، مشاريع الحصص التي ينوي تقديمها في الإبان وبالرجوع اليوم إلى خزينة الوثائق الصوتية  استحضر عيّنات من برامجه.

          البداية إذن كانت « بالمدرسة المفتوحة » ثم تطوّرت وتغيّر اسمها شكلا ومضمونا، إلى « الروافد » ثم « المناهل »، وتطالعنا أيضا هذه العناوين « أعلام معاصرون »… « حوارية المفاهيم »… « سراج المعارف »… وكانت له مشاركات متميّزة في الحصة اليومية « كتاب على الأثير  » التي تداولت عليها نخبة من أفضل الجامعيين والمثقفين. وأذكر أنه فاجئني ذات مرّة باقتراح حصة أسبوعية موجهة إلى الأطفال تحمل عنوان « معاني الكلام » يعدّها في شكل مسرحي وتعهّدت مصلحة التمثيل بإخراجها. وكان رحمه الله إلى جانب ذلك كثيرا ما ينزل ضيفا على المنوّعات المباشرة التي يقدّمها المنشطون أو على البرامج المسجلة مثل « سهرات لا تنسى » وغيرها … المهم أن الفقيد كان مواظبا على الإنتاج الإذاعي، حريصا على أن  يكون دائم الحضور في مختلف الشبكات البرامجية المتعاقبة و على مدار السنة وكانت له دراية عميقة في تطويع إنتاجاته مع خصوصيات المواسم التي توضع فيها تلك الشبكات :

يعدّ للصيف حصصا خفيفة وطريفة لا تثقل كاهل المستمع، ولشهر رمضان المعظم حلقات ذات طابع ديني حضاري منوّع. ولم يقتصر على هذا المنحى فحسب، بل تراه يستعدّ أتمّ الاستعداد للأحداث والتظاهرات الثقافية الكبرى التي تنتظم في البلاد، ويبادر إلى الإسهام فيها بمشاريع إذاعية مناسباتية، كاحتفالية « تونس عاصمة للثقافة العربية » ومرور « ستمائة سنة » على وفاة العلاّمة ابن خلدون، وذكرى مرور ثمانمائة عام على وفاة الفيلسوف ابن رشد … ولا شك في أنّ الخبرة الإذاعية الواسعة التي اكتسبها الفقيد، أهّلته لأن يعيّن خلال شهر أوت سنة 2001 مديرا عاما للقنوات الإذاعية، وصادف وقتها أن غادرت إدارة الإذاعة الوطنية بعد قضاء ما يناهز إحدى عشر سنة على رأسها، والتحقت في خطة مستشار لدى رئيس المؤسسة، وكنا متجاورين في المكاتب، وقد ظلّ يستطلعني الرأي في الكثير من المسائل المتعلقة بسير العمل الإذاعي مركزيا وجهويا، ولم أبخل عليه بالنصح بشأن ما يطلبه مني. وتقديري أنّ من عوامل نجاحه في الإشراف على الإدارة العامة للقنوات الإذاعية، هو توظيف تجربته العميقة في الحقل الإذاعي أحسن توظيف، ونسيجُ العلاقات الطيبة التي ربطها مع أغلب الأسلاك المهنية في الإذاعة، من منشطين ومقدّمي ومعدّي برامج ومهندسين وتقنيين، إلى جانب صداقاته مع المتعاونين الخارجيين.

          وللتذكير عيّن الدكتور كمال عمران إثر تحمّل هذه المسؤولية، مستشارا لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ولدى وزير التربية والتكوين، مع تسجيل تقليص في التعاطي الإذاعي المعهود .

          ثم جاءت المحطة الأبرز في مسيرته المهنية الإعلامية وأعني « إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم » حيث كان له الفضل في تركيزها على قواعد صحيحة وبذل قصارى جهده لتطويرها تدريجيا، مع إنتاج دفعة من البرامج القيّمة فيها، إلى أن سمّي في ديسمبر 2010 وزيرا للشؤون الدينية.

           وبعد غياب قصير نسبيا يسجّل الراحل عودته القوية من جديد إلى الإنتاج السمعي البصري، ولكن هذه المرة يدخل غمار إنتاج البرامج التلفزية من خلال إعداد وتقديم الحصص الدينية والحضارية صلب الفضائيات الخاصة .

          وبالتوازي مع ذلك أرسى تعاونا مثمرا مع الإذاعة التي حلم بها وناضل من أجل إنشائها  قبل سنوات، وهي « إذاعة تونس الثقافية » وفي أحد مواسم الشهر الفضيل، خصّها ببرنامج « في ثقافة رمضان » بداية من سنة 2014 واقترح على مستمعيها برنامج « لمع من الثقافة التونسية » ومازال هذا البرنامج يبثّ إلى اليوم بفضل الحلقات التي سجّلها  قبل وفاته.

          وخلاصة القول إنّ الراحل العزيز كمال عمران يظلّ من ابرز الوجوه الذين طبعوا المشهد الإعلامي السمعي البصري الوطني بإنتاجهم الغزير وإسهاماتهم المشرّفة في إثرائه والنهوض به، وهو إلى ذلك سيخلّد اسمه في عداد الأعلام الكبار الذين تفتخر بهم تونس

 

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma