أثار القرار الصادر عن وزارة الشؤون الثقافية، مساء أمس الأول الأربعاء 8 أفريل، المتثمل في السماح لشركات الإنتاج السمعي البصري استئناف تصوير الأعمال التلفزية الرمضانية، جدلا واسعا في وسط مختلف الاطياف المجتمعية التونسية، وتم اعتباره « ضربا » لمجهودات الدولة في مجابهة تفشي وباء كورونا.
وعلى إثر هذا القرار الوزاري، سارعت الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري، إلى إصدار بيان عبرت من خلاله عن استغرابها لمثل هذا القرار الذي اعتبرته « ضربا صارخا للعمل الذي يقوم به المجتمع ومؤسسات الدولة لمقاومة تفشي الوباء »، وفق نص البيان.
وحذرت الغرفة من الآثار السلبية لهذا القرار على قناعة المواطنين بجدوي الحجر الصحي و إحترام الإجراءات للحد من إنتشار فيروس كورونا.
وبينت أن قرار وزارة الشؤون الثقافية أحادي الجانب، لافتة إلى إلى إنّ اللجوء إلى مثل هذه الإستثناءات يكشف عن « ضعف فادح لرئاسة الحكومة ووزارة الشؤون الثقافية وقد يفتح الأبواب أمام تأويل القرار على أنّه شكل من أشكال المحاباة والمحسوبية وكشكل من أشكال الفساد »، وفق ما ورد في البيان ذاته.
كما عبرت الغرفة عن رفضها حصر الإنتاج السمعي البصري بزمن بثه بشهر رمضان، مؤكدة على توفر منتوج عالي الجودة من الأشرطة الروائية والوثائقية. ودعت إلى استغلاله وبثه خلال هذه الأزمة.
// عاطف بن حسين: « القرار جريمة في حق الشعب »
وبدوره، وصف الممثل والمسرحي عاطف بن حسين القرار بأنه « فضيحة دولة وجريمة في حق التونسيين وفي حق الفنان ». وشدد على أن استئناف التصوير يعرض فريق العمل من ممثلين وتقنيين وغيرهم إلى خطر الإصابة بالوباء ونشر العدوى في صفوف عائلاتهم.
وتحدث عاطف بن حسين، في اتصال هاتفي مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) عن صعوبة تطبيق الإجراءات الوقائية أثناء التصوير نظرا لخصوصية المشاهد والمواقف الدرامية.
وتساءل أيضا عن الأسباب التي دفعت وزارة الشؤون الثقافية لاتخاذ مثل هذه القرارات، لافتا إلى أن التصوير متوقف في كبرى مؤسسات الإنتاج الدرامي العربية والعالمية. كما أبدى استياءه من هذا القرار، واعتبره منحازا لما أسماه « مافيات الإعلام ».
ويرى عاطف بن حسين، وهو أيضا أحد الوجوه الدرامية الشهيرة على الشاشة الصغيرة، أن استئناف تصوير الأعمال التلفزيونية الرمضانية سيشتت جهود إطارات وزارة الصحة العمومية وأعوانها. وأكد أن التحاليل التي ستجرى على فريق التصوير « لا بد أن توجه إلى مستحقيها كأولوية قصوى وضرورية ».
// النائب ياسين العياري: « قرار خاطئ ومتسرع »
ودون عضو مجلس نواب الشعب عن حركة أمل المستقلة، ياسين العياري، على حسابه في الفايسبوك: « قرار آخر حكومي خاطئ ومتسرع و غير مدروس ». وتابع ياسين العياري قوله « ليست دولة عادلة، حتى النجار و الدهان والعامل اليومي الذي يعيل عائلته، وفرض عليه ملازمة بيته، يتمنى بدوره استئناف العمل ».
واعتبر أن تعذر الدولة بالمسلسلات الرمضانية لمساعدة الناس على البقاء في ديارها، هو « اعتراف بضعف الدولة وبعدم قدرتها على إنفاذ القانون ». وعدّها « قرارات إرتجالية تحكمها مصالح لوبيات ».
ولم يفوت التونسيون قرار الوزارة السماح لشركات الإنتاج السمعي البصري استئناف التصوير دون الخوض في هذه المسألة، إذ وجه كثيرون رسائل إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد يطلبون منه التدخل للتراجع عن هذا القرار.
وتراوحت ردود أفعال التونسيين الرافضة للقرار، على الفايسبوك، بين تعليقات نقدية بأسلوب ساخر وأخرى جدية عبرت عن مخاوفهم من تعمق الأزمة الصحية وتفشي الوباء وعدم القدرة على مجابهته لا سيما في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.
وقد عبر عدد من مستخدمي الفايسبوك عن امتعاضهم وتذمرهم من هذا القرار، واعتبروه « غير منصف » و »منحازا » لقطاع دون غيره من القطاعات الأخرى المتضررة.
//وزارة الثقافة توضح
ودفعت ردود أفعال التونسيين تجاه قرار السماح باستئناف تصوير الأعمال التلفزيونية الرمضانية، بوزارة الشؤون الثقافية إلى تقديم توضيحات عبر وسائل الإعلام ونشر بلاغ ثان مساء أمس 9 أفريل، لتبرير دوافع اتخاذ القرار.
وورد في بلاغ الوزارة أن قرار تعليق تراخيص التصوير كان قرارا شاملا تم اتخاذه مباشرة بعد إقرار الحجر الصحي العام من منطلق حرص الوزارة التام على سلامة كل التونسيين والتونسيات والعاملين في القطاع وعدم المخاطرة بتعريضهم لأي مكروه.
وأضاف نص البلاغ أن الإعلان عن إمكانية الاستجابة المشروطة لطلب استئناف الأعمال الرمضانية هو اجتهاد مدروس لا يخرج عن مقتضيات الحجر الصحي الشامل والاستثناءات المحدودة التي تستجيب لشروطه ومتطلباته وفق المعايير والقواعد المقررة من الهيئات الصحية ذات النظر، وذلك على غرار الإجراءات المعمول بها في بعض القطاعات الأخرى.
وأوضحت الوزارة أن هذا القرار يهدف إلى مرافقة العائلات التونسية ويأخذ بعين الاعتبار ظروف الحجر الصحي في صورة تواصله إلى غاية شهر رمضان، وسعيا إلى التخفيف من وطأته على التونسيين وتحفيزهم على أن يلزموا بيوتهم عبر توفير مادة درامية تلفزية تونسية تجعلهم يعيشون شهر الصيام في ظروف أقرب ما تكون إلى ما اعتادوا عليه من أجواء رمضانية.
وذكّرت أن قبول مطالب استئناف تصوير جزء من الأعمال الرمضانية، هي إمكانية مشروطة بتدابير صحية صارمة اتخذت بالتشاور والتنسيق مع وزارة الصحة، وينتج عن مخالفتها إلغاء الترخيص دون تردد والإيقاف الفوري للتصوير، وتحميل المخالفين التبعات القانونية اللازمة.