انطلقت الدورة الحادية والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية التي تعد من أعرق التظاهرات السينمائية العربية والافريقية، بحضور عدد محدود من صناع السينما ونجوم الفن والثقافة، وسط إجراءات صحية وقائية وأمنية مشددة. وتغييب عن الدورة الحالية لأيام قرطاج السينمائية المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو إجراء حتمته جائحة كورونا.
هذه التظاهرة التي تتواصل فعالياتها إلى يوم 23 ديسمبر الحالي، لم تخلُ من طابعها الاحتفالي، حيث تزيّن بهو مدينة الثقافة بالسجاد الأحمر الذي امتدّ من المدخل الخلفي لمدينة الثقافة وصولا إلى مسرح الأوبرا، بالإضافة إلى تركيز تنصيبات لرمز المهرجان وهو « التانيت » في نواحي مختلفة من مدينة الثقافة، فضلا عن تركيز شاشات لبث صور توثق للمهرجان.
بكلمات مؤثرة، استقبل المدير العام لأيام قرطاج السينمائية رضا الباهي ضيوفه، فبعد ترحمه على السينمائي نور الدين السايب الذي توفي بفيروس كورونا، أكد الباهي أن هذه الدورة هي استثنائية وستكون دورة إيجابية لن تمحى من ذاكرة صناع السينما.
وقال إن الهيئة المديرة عملت في ظروف صعبة و »تحت الضغط » من أجل تنظيم هذه النسخة وإنجاحها. ومن الصعوبات التي أتى على ذكرها رضا الباهي تفشي فيروس كورونا في العالم وإلغاء التظاهرات الثقافية وتغيير وزراء الثقافة، « ما دفع بالهيئة المديرة إلى الدفاع عن برنامجها في كل مرة، رغم بعض التغييرات الطارئة على برنامج المهرجان والتي فرضتها جائحة كورونا »، وفق تعبيره.
// تكريم الفنانة نعمة
وتمّ خلال حفل الافتتاح تكريم الفنانة الفقيدة السيدة نعمة التي وافتها المنية يوم 18 أكتوبر 2020 عن سن ناهزت 86 سنة. وأدت الفنانة ليلى حجيّج مجموعة من أغاني السيدة نعمة منها « حبيبي يا غالي » و »اش علينا » و »هو يما ».
وكرمت إدارة أيام قرطاج السينمائية الفنان المصري عبد العزيز مخيون. ومنحته تانيت ذهبي خاص تقديرا له ولمسيرته الفنية في عالم السينما. وعبّر مخيون عن سعادته بهذا التكريم ونوّه بتنظيم هذه التظاهرة العريقة رغم الظروف الصحية.
وتمّ أيضا بالمناسبة، تكريم الفقيد الشاذلي القليبي، أول وزير للثقافة بعد الاستقلال الذي توفي يوم 13 ماي 2020.
وأعطى رئيس ديوان وزير الشؤون الثقافية يوسف بن إبراهيم إشارة انطلاق فعاليات الدورة 31 لأيام قرطاج السينمائية، مبرزا أن تنظيم هذه التظاهرة يترجم تعلق تونس بالحياة ويرفع التحدي باستمرار المهرجان وبدور الثقافة في رفع راية تونس.
// جوائز شبكة وتكميل
وتمّ خلال حفل افتتاح الدورة 31 لأيام قرطاج السينمائية، الإعلان عن جوائز « شبكة » و »تكميل ». وآلت جوائز « شبكة » إلى مشاريع أفلام « les routiers de l’espoir » للمخرج شيخ أحمدو ديوب من السينغال، وهي جائزة مسندة من المنظمة الدولية للفرنكوفونية، وكذلك فيلم « angle mort » للمخرج التونسي لطفي عاشور، وهي مسندة من قناة « تي في 5 موند »، بالإضافة إلى فيلم « les saisons de jannet » للمخرجة مفيدة فضيلة، وهي مسندة من المركز الوطني للسينما والصورة. ومنحت دار تونس جائزتها للعمل « بوسة خالة » لأحمد بوخريص من تونس.
أما جوائز « تكميل »، فقد آلت إلى فيلم « on the charpness edge of nature » لألكسندر سيبومانا من رواندا، وهي جائزة منحتها المنظمة الدولية للفرنكوفونية. ومنح المركز الوطني للسينما والصورة جائزته لـ « بلاك ميدوزا » لمحمد إسماعيل اللواتي من تونس. أما جائزة المعھد الفرنسي بتونس، فآلت لفيلم « نحن في الداخل » لفرح قاسم من لبنان.
// أفلام قصيرة للمرة الأولى في افتتاح المهرجان
وتابع ضيوف أيام قرطاج السينمائية في نسختها 31، ستة أفلام قصيرة في حفل افتتاح هذه الدورة، وهي سابقة في تاريخ المهرجان منذ تأسيسه سنة 1966.
وهذه الأفلام المعروضة هي « المصباح المظلم في بلاد الطرنني » لطارق خلادي، وهو اقتباس حر عن « المصباح المظلم » أحد أقسام فيلم « في بلاد الطرنني » إنتاج 1973. و »الوقت الذي يمر » لسنية شامخي وهي عمل يستوحي أجواءه من فيلم « شمس الضباع » للمخرج رضا الباهي الذي شارك في قسم « نصف شهر المخرجين » بمهرجان كان السينمائي 1977.
وشاهد الحاضرون فيلم « على عتبات السيدة » لفوزي الشلي وينطلق من فيلم « السيدة » لمحمد الزرن، بالإضافة إلى فيلم « الماندا » لهيفل بن يوسف وهو مستوحى من فيلم « الحوالة le mandat » للمخرج السينغالي « عصمان صمبان ». وكذلك فيلم « سوداء 2″ لحبيب المستيري وهو مستوحى من فيلم « la noire de… » لعصمان صمبان الحائز على أول تانيت ذهبي في أيام قرطاج السينمائية 1966، بالإضافة إلى فيلم « السابع » لعلاء الدين بوطالب وهو إعادة صياغة محاكية لفيلم « العرس » للمسرح الجديد.
// أكثر من 120 فيلما في 16 قاعة سينما
ويُتابع روّاد المهرجان العروض الأولى، على المستوى الوطني، لخمسة أفلام هي « الرجل الذي باع ظهره » لكوثر بن هنية و »المدسطنسي » لحمزة العوني و »الهربة » لغازي زغباني، إلى جانب الفيلم الفلسطيني « 200 متر » لأمين نايفة وكذلك فيلم « ليلة الملوك » للمخرج « فيليب لاكوت » من الكوت ديفوار.
واختار القائمون على المهرجان 34 فيلما طويلا وحوالي 66 فيلما قصيرا، تمّ عرضها في أيام قرطاج السينمائية منذ تأسيسها سنة 1966 إلى 2019. وقال المدير العام للمهرجان رضا الباهي إن الأفلام المعروضة في الدورة الحالية هي فرصة سانحة للشباب ليتعرّف على الأفلام التي تم عرضها سابقا والتي لم يسبق له مشاهدتها، مضيفا أن الأفلام المعروضة هي جزء من ذاكرة المهرجان.
كما سيتم تنظيم « منتدى أيام قرطاج السينمائية: الماضي، الحاضر والمستقبل »
// سينما السيارات
وتفاديا للاكتظاظ على القاعات وتخفيفا من وطأة الازدحام التي قد تطرأ عليها، تنظم أيام قرطاج السينمائية « سينما السيارات » بمأوى مدينة الثقافة الذي يتسع لـ 300 سيارة، وذلك طيلة فترة المهرجان وبمعدل فيلم واحد في اليوم.
وتعود فكرة « سينما السيارات » إلى فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم اندثرت وعادت خلال السنة الحالية بعد أن فرضتها جائحة كورونا.
وبانطلاق الدورة الحادية والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية، تفتح حوالي 16 قاعة سينما أبوابها لتستقبل جمهور الفن السابع، ولتعلن استعادة تونس رسميا للأنشطة الثقافية بعد تصحّر ثقافي دام حوالي 3 أشهر بسبب وباء كورونا.