أكثر من ساعة ونصف من الشجن والموسيقى والرقص على أنغام الموسيقى التونسية وإيقاعاتها، تخللتها مقطوعات غنائية شرقية، أمّنتها الفنانة مريم نور الدين بسجن النساء بمنوبة مساء اليوم الخميس، وذلك في إطار البرمجة الموازية للدورة 21 لمهرجان الأغنية التونسية.
وللمرّة الأولى منذ انبعاث هذا المهرجان سنة 1987، اختارت الهيئة المديرة للدورة 21 من مهرجان الأغنية التونسية التوجه للمؤسسات السجنية من بوابة سجن النساء بمنوبة ومركز إصلاح القاصرين الجانحين بالمغيرة، وذلك بالشراكة مع الهيئة العامة للسجون والإصلاح، باعتبار أن السجين هو مواطن فقدَ حريته، لكن ذلك لا يمنع عنه حقوقه ومنها التمتع بمكاسب ثقافية واجتماعية، ولأهمية مثل هذه العروض الفنية في أنسنة نظام العقوبات، وتخفيف حدّة الضغط على المودعات والمودعين.
ومكّن عرض الفنانة مريم نور الدين عشرات السجينات من الترويح عن النفس والرقص والمرح، فتمايلن على أنغام كوكب الشرق أم كلثوم وأنشدن للحياة والأمل وللحرية، علما وأن عددا من المودعات ينشطن ضمن نادي الموسيقى بهذه المؤسسة السجنية، وأثبتن أن إيداع السجن لا يكبّل حرياتهنّ في إطلاق العنان للغناء وتعلم الموسيقى.
وفي مركز إصلاح القاصرين الجانحين بالمغيرة، كانت مجموعة من الفتيات القاصرات على موعد مع الفنان سفيان سفطة الذي غنّى لهن من روائع الطبوع التونسية وبعث إليهن برسائل الأمل والحياة والإنسانية.
وقد دعّمت هذه البادرة لمهرجان الأغنية التونسية في السجون حرص الدولة على تكريس حق الثقافة للجميع بما في ذلك نزلاء السجون، وقد استهلت منذ سنوات تجربة اقتحام الزنزانات ببعث عدة نوادٍ ثقافية في مختلف الاختصاصات بعدد من السجون، وهي تطمح إلى تعميمها على جميع المؤسسات السجنية، بالإضافة إلى تنشيط الحركة الثقافية على مدى العام عبر نوادي السينما والمسرح والمطالعة، وتخصيص برمجة موازية من أيام قرطاج السينمائية في السجون، فضلا عن تقديم عروض مسرحية ضمن ايام قرطاج المسرحية، وذلك خارج المؤسسة السجنية أبطالها من نزلاء السجون.