أقيمت مساء الخميس أمسية تكريمية للموسيقي والرسام الراحل الفنان وناس خليجان بمسرح الجهات في مدينة الثقافة بالعاصمة، حيث تمّ تنظيم عرض موسيقي أحياه الأوركستر السمفوني التونسي بمشاركة مجموعة من نخبة العازفين التونسيين، بقيادة المايسترو فادي بن عثمان والمايسترو شادي القرفي والمايسترو كمال الفرجاني.
وسجلت هذه الأمسية التكريمية حضور نخبة من أعلام الموسيقى التونسية وثلة من أهل الثقافة والإعلام، حيث اطلع الحاضرون على معرض تشكيلي ضمّ عددا من أعمال وناس خليجان الذي أحب تسمية نفسه بصديق السعادة، والذي أظهر براعته في الرسم أيضا إلى جانب الموسيقى، فكانت رؤيته للواقع وللأشياء أكثر عمقا وإبداعا وترجمت حبه للفنون والجمال.
وكان العرض الموسيقي مسبوقا بعرض شريط فيديو تضمن شهادات ثلة من أصدقائه وزملائه في مجال الموسيقى، فتحدثوا عن مميزات الفنان وناس خليجان وإبداعاته وغزارة إنتاجه في مجال التأليف الموسيقي، وأشاروا إلى تعامله مع عدة مجموعات وفرق موسيقية منها الأركستر السمفوني التونسي والمجموعة الأوركسترالية التونسية وغيرها. كما ألف الموسيقى الركحية لعدة مسرحيات والموسيقى التصويرية لعدة أعمال في مجالات السينما والتلفزة والإذاعة.
واستهل العرض الموسيقي بمعزوفة للنشيد الوطني التونسي التي كان الفقيد أعاد توزيعها، ثم أخذت الموسيقى الحاضرين إلى عوالم راوحت بين الأنماط الموسيقية التونسية والموسيقى الأوبيرالية والطربية، فتنوعت الفقرات التي تخللتها الأعمال الموسيقية والشعرية التي ألّفها خليجان بنفسه مثل « نيشابروك » و »صحراء و »البستان ».
وكانت البداية مع مقطوعة « نيشابورك » قبل أن يتناوب على اعتلاء الركح ثلة من المغنين هم منير المهدي الذي أدى له « ألقيت دلوي »، وهندة بن شعبان التي أدت بصوت أوبرالي « chant pour takht ». وغنى هيثم الحضيري أيضا بصوته الأوبرالي « البستان » رفقة كورال أوبرا تونس.
وتواصلت الموسيقى بأصوات سليم الجزيري ومهدي ذاكر، وغنت رحاب الصغير للفقيد من أشعار خالد التومي « الهمس بالأجفان » كما أدت له أيضا من أشعار معروف الرصافي أغنية « يا قوم ». واستمع الجمهور إلى أغنية « le petit matin » بصوت الفنانة ندى بن محمود. ثم تواصلت الأنغام مع الفنانة منجية الصفاقسي في أغنية « يا زهر الليمون » ثم مع الفنانة أميمة الحوات التي أدت « مدينة الحمام ».
وللتذكير فإن الفنان وناس خليجان هو مؤلف موسيقي ورسام ولد بمدينة بنزرت يوم 30 ماي سنة 1958 وتوفي يوم 22 جويلية 2024 بتونس العاصمة، لحن عديد الأناشيد الدراسية باللغتين العربية والفرنسية منذ مزاولة تعليمه الابتدائي بالقطر الجزائري، كما دأب على كتابة نص مسرحية وتقديمها وأدائها خلال نهاية العام الدراسي كل سنة، واجتهد في ذلك تحت إشراف معلميه الذين كان جلهم من ذوي الجنسية المصرية والذين كانوا يلقبوه آنذاك بالأستاذ وناس.
ومنذ التحاقه بالمدرسة الثانوية بمدينة بنزرت تميز الفقيد وناس خليجان عن سائر أقرانه بعديد الملكات التي عکست نبوغا مبكرا ولم تجعله تلميذا عاديا، إذ كان مساعدا لأستاذه المرحوم عبد المجيد المديوني مدرس مادة التربية الموسيقية بالمعهد وأستاذته السيدة تبان مدرسة التربية التشكيلية وفق ما جاء في شهادة الموسيقار كمال الفرجاني. وأضاف أنه منذ دراسته بالمرحلة الثانوية شرع الفنان وناس خليجان في إنتاج أول أعماله الموسيقية مثل أغنية « مدينة الحمام » وأغنية « الصرار والنملة » وهي من كلماته وألحانه، ثم انتقل سنة 1979 إلى تونس العاصمة لمواصلة تعليمه الجامعي والتحق بفرقة مدينة تونس للموسيقى العربية تحت إدارة الفنان محمد القرفي كعازف على آلة الكمنجة.
وفي سنة 1982 التحق بالمعهد العالي للموسيقى، ومنذ ذلك الحين انطلق في نشاطه الفني بالتعاون مع ثلة من أصدقائه مثل حمادي العجيمي وفيصل القروي وحافظ مقني والهاشمي غشام وكمال الفرجاني الذي أسس معه أوركسترا البحر الأبيض للموسيقى.