أسدل الستار مساء الأحد على فعاليات الدورة 34 لمعرض تونس الدولي للكتاب بعد أسبوع ماراطوني من الفعاليات المتنوعة بين لقاءات فكرية وقراءات شعرية وحوارات وفسيفساء من العروض الفنية والموسيقية التي تابعها المولعون بالكتاب على اختلاف اهتماماتهم وأذواقهم.
« اعتمدنا في إعداد البرمجة الثقافية على مبدأ عام وهو تقديم ما يدخل في باب الثقافة بمعناها الواسع، وحاولنا أن نوفر للزائرين والضيوف فضاء للديمقراطية والتعددية، وأن يكون البرنامج متنوعا ومفيدا للجمهور على قدر الإمكان » هكذا تحدث المسؤول عن البرنامج الثقافي الأستاذ سهيل الشملي في لقاء مع « وات ». قبل أن يضيف : « حاولنا الابتعاد عن كل ما هو أكاديمي، وجعل الجلسات في مستوى مضامينها او توقيتها خفيفة على المتابعين، بحيث لا تتجاوز كل ندوة ساعة ونصف على اقصى تقدير حتى يجد المقبل عليها، حتى إن كان من غير أهل الاختصاص، مادة مفيدة دون أن نثقل عليه ».
وأشار الى أن الهيئة المديرة للمعرض، الذي حلت الجزائر ضيف شرف على دورته الرابعة والثلاثين، سعت الى ربط مواضيع الجلسات بالاصدارات الجديدة، مذكرا بأن البرمجة الثقافية قامت على محاور في طليعتها المرأة التونسية، « نساء بلادي نساء ونصف » والقضية الفلسطينية بمناسبة « مرور مائة سنة على وعد بلفور » الى جانب « تكريمات » احتفاء بثلة من القامات الادبية والفكرية ومحوري « وجوه التونسة » و »رحيل بين المرافئ » اللذي سجلت من خلاله الدورة انفتاحا على الآخر. كما شهد محور « رحاب الكتاب التونسي » تنظيم لقاءات يومية في إطار المنتدى، وهو عبارة عن أنشطة تقام داخل أروقة العرض وتحديدا بجناح وزارة الشؤون الثقافية حتى تكون قريبة من الزائرين.
وفي حديثه عن الجلسات الأدبية والفكرية التي بلغ عددها ثمانين بين سهيل الشملي أن أكثر من ثمانين جلسة حرصت من خلالها هيئة المعرض بإدارة الجامعي والكاتب شكري مبخوت إلى مواصلة الانفتاح على مكونات المجتمع المدني من منظمات وهيئات وجمعيات، « بحيث تعكس برمجة معرض الكتاب صورة البلاد وممارسة حقيقية للديمقراطية » وفق تعبيره.
وعن التئام بعض الجلسات بحضور محتشم أحيانا بين أن ذلك « مرده، ربما، أن الفضاءات المخصصة للجلسات موجودة في الطابق الأول وذلك لما تتطلبه من هدوء »، وهو ما يجعلها بعيدة نوعا ما عن الزائرين لفضاءات العرض. وذكّر في هذا الصدد بأن « البعض احتج في دورات سابقة على تخصيص فضاءات للندوات في الطابق السفلي نظرا لكثرة الضجيج وإزعاج الحاضرين في الندوات ».
المسؤول عن البرنامج الثقافي تطرق الى بعض الجلسات التي حظيت باهتمام كبير من القراء واخرى أثارت جدلا كبيرا، فبين أن الهدف من تخصيص ندوة مثلا للأدب الكردي هو تبيان هل من خصوصية للرواية الكردية، قائلا « أردنا ان يستكشف الناس مثل هذا الجنس من الكتابة باللغة العربية لاقلام من غير الاصول العربية ».
واعتبر أن « الهدف من مثل هذه الندوات أيضا ازالة الأوهام لدى البعض »، موضحا أن أحدهم لام على إدارة المعرض تنظيم جلسة لتقديم كتاب المغربي رشيد أيلال « صحيح البخاري، نهاية أسطورة »، واتهمها بإثارة الجدل اعلاميا أو ما يعرف بـ »البوز ». وأوضح في هذا السياق أن تقديم الكتاب جاء ضمن محور يتعلق ب »مهن الكتاب وقضاياه »، قائلا « أحيانا يثار جدل حول كتب في حين يتبين لاحقا أن كل ما اثير من جدل حول موضوع ما او كتاب فيه الكثير من الأوهام لذلك لا بد أن تنزع تلك الأوهام. وقد تبين الحاضرون في تلك الجلسة أن جل ما قيل في الكتاب ليس جديدا بل طرح من قبل ». وأردف « إذا اردنا ان نكون فضاء للديمقراطية لا بد ان نقبل مناقشة الكتب التي فيها طرح أفكار، ولا يمكن منعها الا اذا كانت تتضمن طرحا دعائيا على غرار الكتاب الذي تسرب الى المعرض بعملية تحيل من ناشر لم يحترم الاجراءات فتم منعه ».
وكانت هيئة المعرض سحبت كتابا للاطفال فيه تحريض على العنف والكراهية، كما أغلقت جناحا لناشر يعرض كتبا مزورة اي لم يحترم حقوق الملكية الفكرية والأدبية.
وشهد اليوم الختامي حلول ولاية صفاقس ضيفة على برنامج الأطفال واليافعين، الذي كانت روسيا ضيفته على امتداد أيام المعرض. وقد تم تنظيم مجموعة من العروض والورشات للأطفال وعرض معلقات تعريفية بمعرض صفاقس لكتاب الطفل، وتقديم جوانب من التراث الموسيقي والفلكلوري الجهوي حيث تابع زوار المعرض فقرات قدمتها مجموعة طبال قرقنة.
وبلغ عدد زائري المعرض في دورته الحالية بحسب تقديرات عضو لجنة التنظيم ورئيس اتحاد الناشرين التونسيين محمد صالح معالج نحو 300 الف زائر وقد سجلت فترة نهاية الاسبوع (الحالي والماضي) ويوم الاثنين الفارط المتزامن مع ذكرى عيد الشهداء أكبر أعداد من الزائرين، لكن العدد يظل دون تطلعات العارضين وأقل من عدد الزوار في الدورة الفارطة.
وفي هذا السياق قال سهيل الشملي « ربما لم يساعدنا تاريخ إقامة المعرض لأنها فترة دراسة للتلاميذ والطلبة » معربا عن أمله في أن يتم مستقبلا برمجته في تاريخ يتلاءم مع الجمهور العريض حتى يكون الاقبال أكبر. واعتبر رغم ذلك أن الهيئة نجحت في تنظيم هذه الدورة وبلوغ الأهداف المرسومة، مذكرا بان الهيئة المديرة سعت الى دعوة قامات هامة أخرى والى استضافة الصين لكن جلهم كتاب ومؤسسات ودول اعتذروا نظرا لالتزامات تجمعهم مع جهات أخرى الى حدود سنتي 2019 و2020 وهو ما يؤكد على وجوب تعيين هيئة قارة مثلما أشارت هيئة التنظيم في توصياتها إثر اختتام الدورة الماضية أو في أقصى الحالات، بحسب الشملي، « لا بد أن تبدأ الهيئة المقبلة عملها على أقصى تقدير في شهر ماي او جوان حتى يتسنى الإعداد مسبقا وبشكل جيد للدورات المقبلة ».