على خلاف المواسم الماضية، يشهد سوق الجملة للتمور بمدينة توزر خلال الموسم الحالي وفرة كبيرة جدا في كميات التمور في فضائيه الداخلي والخارجي، حيث يفوق العرض نسبة الاقبال في موسم يعتبره فلاحو الجريد استثنائيا من حيث غياب الترويج وعزوف المصدرين عن اقتناء منتوج هذا الموسم على رؤوس النخيل كما درجت العادة منذ عشرات السنين.
حضر الفلاحون بصناديق « دقلة النور » و »الكنتيشي » و »العليق » وكل يمني النفس بالظفر بزبون يقتني الكم الكبير من المنتوج الذي لم يجد طريقه الى وحدات تكييف وتصدير التمور فلم يجد الفلاح سبيلا إلا أن يتحمل على عاتقه تكاليف قطع عراجين التمور، ووضعها في الصناديق ونقلها الى سوق الجملة، إلا أن عملية الترويج ليست مضمونة حتى هنا، يتحدث لـ »وات »، محمد النفطي، فلاح من حامة الجريد.
ويضيف محمد « في غياب عمليات البيع على رؤوس النخيل أو في وجود أسعار زهيدة اختار قرابة 70 بالمائة من فلاحي ولاية توزر هذا العام ترويج منتوجهم بطريقتهم، فحملوها الى سوق الجملة علّها تجد طريقها الى السوق الوطنية في ولايات أخرى أو يقتنيها المصدرون »، لكنّهم فوجئوا بضعف الاقبال، فالسوق المحلية ليست كافية وحدها لاستيعاب هذه الكميات.
ويكلّف اختيار التوّجه الى سوق الجملة الفلاح مصاريف كبيرة، بحسب ذات المتحدث، نظرا لكلفة اليد العاملة التي ستتولى جني العراجين، وتكلفة اقتناء الصناديق البلاستيكية، ونقل المنتوج من الواحة الى السوق، مشيرا إلى أن هذا الخيار لن يغطي تكاليف الإنتاج وخصوصا المتعلقة بخلاص معاليم ضخ مياه الري لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز.
وبعبارات تجمع بين السخرية والالم، تحدّث، مقداد الزايري، فلاح من مدينة توزر، فعبّر وأوجز بقوله « الفلاح تكبّد خسارة فادحة، المنتوج ملقى في السوق بأقل الأسعار » باعتبار أن الصعوبات التي تواجه الفلاح صعوبات متعددة، فهو مطالب بسداد ديونه تجاه الشركة التونسية للكهرباء والغاز وبضرورة تغطية مصاريفه ومواجهة مصاريف موسم جديد ينطلق مباشرة بعد الانتهاء من جني محصول هذا الموسم.
فيمن يعتبر كل من صالح بلحسن وحلمي العرفاوي، فلاحان من منطقة بوهلال بمعتمدية دقاش، أن الأسعار المتداولة في سوق الجملة والمتراوحة من 500 مليم الى 2000 مليم ليست سوى اعدام للفلاحين، مشبهين إياها بسوق الملابس المستعملة المتّسمة بوفرة المنتوج وتدني الأسعار.
ثم يضيف المتحدثان أن الخيارات ليست متنوعة أمام الفلاح فإمّا أن يقبل ببيعها بهذه الأسعار أو أنه سيخسر جهده نظرا لتراجع جودة المنتوج بسبب تواصل ارتفاع درجات الحرارة، وانعدام نزول الامطار كما أدت الرياح الى تساقط كميات كبيرة من الثمار من رؤوس أمهاتها.
وليس التوجّه بالمنتوج الى سوق الجملة بالقرار الصائب، وفق رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بتوزر، عارف الناجي، الذي دعا فلاحي الجريد الى التريث في انتظار تفعيل جملة من القرارات تم الاتفاق بشأنها بين المنظمة الفلاحية والمجمع المهني المشارك للتمور ووزارة الفلاحة في جلسة عقدت الأسبوع المنقضي.
وتتعلق الاجراءات، وفق توضيحه، بتوفير منح للفلاحين لخزن المنتوج، واقتناء الصناديق البلاستيكية، وتخصيص قروض موسمية لفائدتهم بقيمة 5 ملايين دينار من البنك التونسي للتضامن، علاوة على تدخل وزارة التجارة لتسهيل ترويج التمور في الفضاءات التجارية الكبرى، والاتفاق على السعر المرجعي على ألا يقل على 3700 مليم بالنسبة الى « الشمروخ » و3100 مليم بالنسبة الى « البث ».
وأكد عارف ناجي أن الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري يتابع مدى تفعيل هذه الإجراءات، وسيقرر على ضوء ذلك مجموعة من التحركات لفلاحي الجهة، وفق قوله.