قال يوسف عبيد، ممثل مرصد « مجلس » التابع لمنظمة البوصلة، « لئن شهد مجلس نواب الشعب الحالي تحسنا في عمله، مقارنة بالمجلس السابق، إلا أن أداءه يظلّ دون المأمول وأنه ما يزال يعاني من ضعف الأداء، على المستويين التشريعي والرقابي ».
وكشف عبيد خلال ندوة افتراضية للمنظمة، اليوم الإثنين، خصصت لتقديم التقرير السنوي لمتابعة أعمال مجلس نواب الشعب، خلال الدورة البرلمانية الأولى (نوفمبر 2019- جويلية 2020)، أنه « لأول مرة في تاريخ البرلمان التونسي، نُظمت جلسة لسحب الثقة من رئيس البرلمان (جلسة سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي يوم 30 جويلية 2020) استعملت فيها الاليات القانونيّة للتعبير عن الآراء، لكن رغم ذلك لم يقطع هذا البرلمان مع الممارسات الأخرى التي عطلت العمل خلال المدة البرلمانية الماضية (2014- 2019) ».
وبيّن أن التركيبة الحالية للمجلس لم تقطع مع ظاهرة السياحة الحزبية، إذ خسرت بعض الكتل عددا من نوابها وكان أبرزها كتلة قلب تونس التي خسرت تقريبا 30 بالمائة من نوابها، بالإضافة إلى الكتلة الديمقراطية، ممّا يفسّر ارتفاع عدد النواب المستقلين الذي مرّ من 8 نواب مستقلين، في البرلمان السابق، إلى 17 نائبا في هذا البرلمان خلال دورته الأولى.
ولاحظ أن ضعف تمثيليّة المرأة لم يختلف كثيرا عن البرلمان السابق، إذ بقيت التمثيلية النسائية في حدود 26 بالمائة، بسبب عدم ترؤس المرأة للقائمات الانتخابية، بالإضافة إلى ضعف وجود النساء في رئاسة اللجان التشريعية القارة أو الخاصة والتي لم تتجاوز 23 بالمائة وكذلك في مكاتب اللجان بنسبة 21 بالمائة.
ومن ناحية أخرى ذكر يوسف عبيد أن بعض المؤشرات تحسنت في هذا المجلس، في دورته الأولى، مقارنة بالمجلس السابق، مثل التحسن على المستوى التشريعي في ارتفاع عدد المبادرات التشريعية المصادق عليها في هذه الدورة، ب 42 مبادرة مقارنة ب27 مبادرة تشريعية خلال الدورة الأولى من البرلمان السابق، فضلا عن ارتفاع مقترحات المشاريع المقدمة من النواب، إذ بلغ عددها 40 مقترح قانون، خلال الدورة الأولى، في حين أن معدل مقترحات النواب في المدة النيابية الفارطة لم يتجاوز 14.5 بالمائة مقترح قانون في كل دورة، وتحسن كذلك نسبة الحضور في الجلسات العامة التي وصلت إلى 85 بالمائة في حين لم تتجاوز في البرلمان السابق 75 بالمائة.
وتعتبر منظمة البوصلة، أن هذا التحسن « كان كميّا ولم يتحسن الأداء في جودته ونوعيته »، فقد لاحظت نسرين جلالية، المديرة التنفيذية لمنظمة البوصلة، أن أبرز النقاط السلبية في هذا البرلمان كانت طريقة حوكمته، مؤكدة أنه يجب مراجعة طريقة الحوكمة في البرلمان مراجعة تامة وحقيقية.
وبينت جلالية أن الاستقلالية الإداريّة والمالية للمجلس، مازالت لم تفعّل، على الرغم من صدورها في القانون الأساسي للميزانية منذ السنة الماضية، مشيرة إلى أن الدورة البرلمانية الأولى لهذا المجلس، انتهت ومازال 35 مقعدا شاغرا في 15 لجنة من أصل 17 لجنة خاصة وقارة.
وكشفت أن 32 مبادرة تشريعية مصادق عليها خلال الدورة البرلمانية الأولى، من أصل 42 مبادرة مصادق عليها، كانت ذات صبغة مالية و36 منها تحتوي على فصل وحيد، « مما يعكس أن المجهود التشريعي لم يكن كبيرا للنواب، وبالتالي فإن الحصيلة التشريعية ضعيفة، خاصة وأن هذا المجلس ورث 70 مشروع قانون عن سابقه، فضلا عن إيداع 71 مشروع قانون جديد هذه الدورة ».
ولاحظت أن الأسئلة الشفاهية كانت غائبة تماما في الدورة النيابية الأولى، كما أن جلسات الحوار مع الحكومة، رغم تطورها مقارنة بالدورة السابقة، إلا أنها بقيت فضفاضة ولم ينجر عنها أي التزام من الحكومة، بالإضافة إلى عدم نشر اللجان الخاصة لتقاريرها السنوية في الآجال وعدم مناقشتها في الجلسة العامة.
وفي هذا السياق اقترحت منظمة البوصلة، جملة من التوصيات، من بينها تحسين مناخ العمل والمناخ العام، من خلال نبذ العنف والكراهية والتطرف، قولا وممارسة، واحترام أحكام النظام الداخلي من قبل الهياكل وعلى رأسها مكتب المجلس وضرورة استكمال الهيئات الدستورية، تشريعا وانتخابا.
كما أوصت المنظمة بضرورة امتلاك رؤية تشريعية واضحة الأولويات والتوجهات وبأهمية أن يعطي المجلس الأولوية لمشاريع القوانين التي تساهم في تعزيز حقوق المواطنين وحرياتهم، فضلا عن ضرورة تفعيل الاستقلالية الإداريّة والمالية للبرلمان وتكريس الشفافية في عمل المجلس، عبر احترام علنية عمل اللجان وتعميم البث المباشر ونشر قائمات الحضور ومحاضر الجلسات خاصة وأن الأزمة الصحيّة مازالت متواصلة.