أجمع النواب المتدخلون خلال الجلسة العامة المنعقدة صباح اليوم الاثنين بالبرلمان والمخصصة للنظر في ميزانية وزارة الداخلية لسنة 2021 ، على ضرورة دعم القوات الأمنية من خلال توفير وسائل العمل والتجهيزات بما يمكنهم من الاضطلاع بمهامهم في الحفاظ على الأمن العام ومكافحة الإرهاب، مطالبين بالعمل على إنفاذ القانون واسترجاع هيبة الدولة دون تعسف على الحقوق المشروعة
ونبهوا في المقابل إلى تواصل بعض الممارسات الأمنية ضد المواطنين وهضم حقوقهم في المراكز الأمنية وتجاوزات بعض النقابات الأمنية ومنخرطيها على صفحات الفايسبوك، داعين إلى ضبط استراتيجية واضحة لعمل القوات الأمنية في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والجريمة الإرهابية والتنسيق بين الأسلاك الأمنية في هذا المجال.
ودعا النائب فؤاد ثامر (قلب تونس) إلى تطوير الظروف الاجتماعية للأمنيين وتحصين مناخ العمل بما يمكن من التقليص في مشكل الرشوة في صفوف العديد من الأسلاك الأمنية ، إلى جانب الترفيع التواصل مع القوات الأمنية في الجهات للترفيع من معنوياتهم.
وقالت عبير موسى(الحزب الدستوري الحر) إن وزارة الداخلية « قد تمت شيطنتها بعد 2011 وإبعاد كفاءاتها ولم يتم توفير الإمكانيات والظروف المادية و الإطار التشريعي الملائم حتى يكون الأمن جمهوريا كما ينص عليه الدستور، مشيرة إلى غياب الإرادة السياسية الفعلية لحماية الأمنيين والذي تجلى من خلال تعطيل المصادقة على منظومة تشريعية توفر الحد الأدنى لحماية الأمنيين منذ سنوات دون البحث عن أرضية توافق حول أحكام هذا القانون.
واعتبرت أن عون الأمن أصبح الحلقة الضعيفة في هذه المنظومة ويتعرض هو وعائلته للهرسلة والتهديد ، قائلة إن قانون حماية الأمنيين لا يطرح سوى بعد العمليات الإرهابية للمزايدة السياسية ثم يرجع إلى الرفوف دون المصادقة عليه، ومعربة عن استغرابها لسحب رئيس الحكومة لمشروع قانون حماية زجر الاعتداءات على الأمنيين وهو الذي دافع عليه أمام اللجان البرلمانية عندما كان وزيرا للداخلية.
كما دعت إلى توفير التكوين للأمنيين منذ انتدابهم لتطوير العقلية الأمنية في اتجاه احترام حقوق الإنسان، وتعميم مراكز التكوين المستمر في الأقاليم والتدريب على الرماية « لأننا في حرب على الإرهاب ولا بد أن يكون الأمن مستعدا لكل الظروف » حسب تعبيرها، لافتة إلى ظروف العمل السيئة للأمنيين خاصة في الجهات وغياب منظومة تشجع وتدعم مكافحة الإرهاب ووسائل حمايتهم أثناء العمل وقوانين تحميهم عند التدخل.
وانتقد النائب سالم لبيض (الكتلة الديمقراطية) استغلال عدد من النواب لقضايا تتعلق بالاجراء الحدودي « اس 17″ للسمسمرة ، ولخدمة مصالح مادية ، مؤكدا أنه كان يلاقي دائما الاستجابة من قبل وزارة الداخلية بخصوص الاشكاليات المتعلقة بجوازات السفر وبخصوص الاجراء الحدودي المذكور مع تسجيل بعض من الاستثناءات
واعتبر أن رئاسة الجمهورية ووزارتي الداخلية والدفاع الوطني والاتحاد العام التونسي للشغل تحافظ على التوازن في البلاد ولا بد من تحصينها قائلا إنه ضد « وضع المعلومات الأمنية على قارعة الطريق » لا سيما وأن « تونس مخترقة من عشرات أجهزة الاستخبارات » .
وتطرق إلى ما اعتبره « صمتا مريبا من قبل وزارة الداخلية وبقية السلط » حول » الحملة السياسية التي تم إعدادها لخدمة الانقلاب المزعوم في قاعدة الوطية في ليبيا « ، و »اتهام جهات سياسية محترمة بخدمة هذا الانقلاب، أمام حديث الإعلام التركي والجهات الرسمية التركية بكل أريحية حول هذا الموضوع »
وتركزت مداخلة حسونة الناصفي (كتلة الإصلاح) حول وضعية العمد والمعتمدين والولاة ، مبينا أنه قد تم تحميل هذه الأسلاك أكثر من طاقتها و لا بد من إعادة الاعتبار لهم وإعادة النظر في الامتيازات الممنوحة لهم مثل المساكن الوظيفية في الجهات والمنح « المخجلة » التي تقدم لهم حسب توصيفه ، والحال أنهم يمثلون الدولة في جهاتهم .
وطالب بالاستعجال في إصدار القوانين الأساسية للعمد والعمد الأول والولاة حتى يكونوا على بينة بالمهام التي توكل إليهم وضبط حقوقهم وواجباتهم، مشيرا إلى أن العديد من الكفاءات التونسية باتت تتهرب من تحمل هذه المسؤولية.
ولفت النائب سمير ديلو (حركة النهضة) إلى ضرورة دعم الرعاية الصحية للأمنيين مشيرا إلى أن مستشفى قوات الامن الداخلي بالمرسى لم يعد يفي بالحاجة بالنظر إلى تزايد عدد الأمنيين وعائلاتهم والنقص الفادح في التجهيزات والمعدات.
وشدد لدى تطرقه إلى سلوك بعض النقابات الأمنية على أن من يقوم بالسياسة لا يحمل السلاح والعكس صحيح، منتقدا تكرر حمل بعض الأمنيين للسلاح في مظاهرات واعتصامات، خارج وقت العمل او بعيدا عن مكانه.
من جهته رأى زهير مخلوف (مستقل) أن ميزانية وزارة الداخلية ليست متوازنة ولم يتم فيها التوزيع الرشيد للنفقات والاعتمادات ولم يتم تخصيص جزء منها مثلا لدعم منظومة حقوق الإنسان في تكوين الأمنيين، كما لم يتم تحديد المجالات التي سيتم فيها توزيع الاعتمادات المخصصة لمستشفى قوات الأمن الداخلي ، داعيا إلى مزيد دعم حضور القوات التونسية في البعثات الأممية لحفظ السلام وإلى بعث مشروع لوكالة استخبارات منظمة وتحت إدارة الوزير مباشرة حتى لا تقع أخطاء حتى تبقى تونس محصنة أمام مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة.
أما النائب عن كتلة النهضة ناجي الجمل فقد بين أن وزارة الداخلية هي المسؤول الأول على « فرض احترام القانون بالقانون وليس تجاوزا له » ، مشددا على إعادة هيبة الدولة من خلال إنفاذ القانون وإن اضطرت القوات الأمنية لاستعمال العنف أمام من يسعى إلى تحقيق مطالب مشروعة عبر طرق غير مشروعة مثل تعطيل مواقع الإنتاج و المنشآت الحيوية للدولة.
كما أعرب عن استغرابه لعدم تدخل الوحدات الأمنية عند تسجيل تجاوزات تقدر بالمئات يوميا على قانون الطرقات بمرأى من الدوريات الأمنية .
ولاحظ محسن العرفاوي (الكتلة الديمقراطية) ارتفاع نسبة الجريمة والاعتداءات المتكررة على الممتلكات العامة والخاصة مؤكدا ضرورة تكثيف الحملات الأمنية وعدم التساهل مع مرتكبي الاعتداءات » البراكاجات »، وداعيا إلى تعزيز المناطق الحدودية بمراكز أمنية وتمتيعها بوسائل العمل الضرورية حتى تتمكن من الاضطلاع بمهامها في مثل هذه المناطق الحساسة.
كما انتقد تكرر الممارسات التي تسيء للأمن والاعتداءات على المواطن والتي قال إنها « تسيء إلى العلاقة التي نريد بناءها بين الأمني والمواطن » مثيرا من جهة أخرى ما يواجهه سلك الشرطة البلدية من تهميش بالرغم من دورها الهام، حسب تقديره.
ودعت النائبة ليلى حداد (الكتلة الديمقراطية) إلى ضرورة احترام الأحكام القضائية الإدارية في ما يتعلق بتبرئة الأمنيين الذين تم عزلهم وإرجاعهم لوظائفهم، معتبرة أن مسار إصلاح المنظومة الأمنية يسير بخطوات بطيئة جدا ولا بد من توفر إرادة سياسية قوية للقيام بالإصلاحات الضرورية لا سيما على مستوى تكوين القوات الأمنية على أسس التعامل مع المواطنين.