لبوابة الإذاعة التونسية : عبد الستار النقاطي

فقدت الساحة الفنية التونسية صباح يوم الأحد 27 ديسمبر 2020 الفنانة زهيرة سالم عن سن 80 سنة ، بعد صراع طويل مع المرض وقد تدهورت صحتها في بداية شهر ديسمبر مما عجل بدخولها إلى المستشفى العسكري بتونس .

وبما أن الفقيدة تعتز وتفتخر بأن انطلاقتها كانت من فرقة الإذاعة التونسية للموسيقى التي احتضنتها وصقلت موهبتها ، كان توديعها من هذه المؤسسة الإعلامية العريقة ، فقد أقيمت مراسم جنازة للفنانة الراحلة زهيرة سالم مثلما أوصت قبل وفاتها بالبهو الرئيسي للإذاعة التونسية ، حيث تلا الحاضرون وفي مقدمتهم السيدين يوسف إبراهيم رئيس ديوان وزير الشؤون الثقافية ومحمد الأسعد الداهش الرئيس المدير العام للإذاعة التونسية الفاتحة على روحها الطاهرة ، كما حضر الموكب العديد من زملائها الفنانين والفنانات على غرار المطربة سلاف ونوال غشام وشكري بوزيان وهشام النقاطي والمنصف عبلة  والمنجي بن عمار

وحتى يتعرف شباب اليوم أكثر على هذه الفنانة صاحبة الصوت المتميز التي تركت في رصيدها قرابة ( 500 أغنية) نسلط في « بوابة الإذاعة التونسية  » الأضواء على أهم المحطات في مسيرتها الفنية التي انطلقت منذ سنة 1960 .    

زهيرة سالم واسمها الحقيقي زهرة البراهمي من مواليد مدينة باجة سنة 1940 دخلت عالم الفن رغم معارضة عائلتها المحافظة . وبالرغم من صعوبات البدايات إلا أنها تمكنت من التألق والنجاح بفضل ما تلقته من دروس موسيقية في الرشيدية ثم إصدارها لأول « البوم  » غنائي سنة 1960 . 

وفي حديث معها نشر على أعمدة مجلة « الإذاعة والتلفزة « التونسية في جويلية 2006 وعن بداياتها قالت : اسمي الحقيقي زهرة البراهمي أصيلة مدينة باجة ، اعتبر نفسي فنانة مكافحة لاني سلكت طريقا وعرة ووصلت إلى هدفي بالصبر والثبات والتضحيات الجسام .

وإجابة عن سؤال حول من ساعدها في بداية  مشوارها الفني قالت : أول شخص مد لي يد المساعدة هو عبد الحميد السلايتي رئيس قسم الموسيقى بالإذاعة التونسية ، فقد فتح لي الباب ليتعرف علي الجمهور وكذلك الفنان المصري السيد شطا المقيم بتونس الذي ساعدني ماديا وأدبيا ، كما وجدت المساعدة والدعم أيضا من الشعراء احمد خيرالدين ومصطفى خريف ومنور صمادح وعبد المجيد بن جدو والملحنين صالح المهدي ومحمد التريكي والشاذلي أنور ومحمد رضا وعبد الحميد بلعلجية .

وعن كيفية تعلمها لقواعد الفن قالت : في المعهد الرشيدي تعلمت فن الإلقاء ومخارج الحروف ودراسة الموازين وأداء الموشحات والمقامات التونسية والشرقية ، وفي ذلك الوقت لم يكن السماح للفنان بالغناء أمام الجمهور إلا بعدما يتقن أصول الفن على أسس صحيحة لفترة تدوم سنوات .وأضافت وأنا افتخر واعتز باني تخرجت من الفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية هذه الدار احتضنتني وصقلت موهبتي واعتبرها مدرسة قائمة الذات ومنها تخرجت أيضا نعمة وعلية وسلاف ومطربي الأجيال المتعاقبة .

وردا عن سؤال حول نجاحها وشهرتها بأداء الفلكلور التونسي قالت : كنت أول فنانة أدت الفلكلور التونسي بعد تهذيبه من قبل الشاعر رضا الخويني والملحن عبد الحميد ساسي فكانت أغاني « العشاقة  » وباطل ياحمة باطل » ..وأعطيني شريبة لله  » …

كما اشتهرت الفنانة زهيرة سالم بأداء أغان أخرى على غرار  » أمي يا أمي » وهي من كلمات فوزي العربي والحان محمد عطية … و » أنت حبيب العمر » من كلمات عبد اللطيف الجوادي والحان محمد رضا ،  و »يامة سامحيني بجاه الله  » من كلمات فاضل حرحيرة والحان الهادي الجويني …كما غنت عن مسقط رأسها « باجة بلاد المندرة والصابة  » من كلمات عبد المجيد بن جدو والحان الشاذلي أنور … وفي رحلتها إلى مصر أدت العديد من الأغاني نذكر منها « يا بو الشعر العنابي » من كلمات حسين السيد والحان خالد الأمير.

وبخصوص الصداقات التي تربطها من الفنانين من مختلف الأجيال قالت : ليس لي أصدقاء كثر لاني صريحة جدا وأتعامل مع الوسط الفني دون أقنعة  .وبالرغم من ذلك اعتز بصداقتي للفنانتين نعمة وعلية وكذلك محسن الرايس .ومن الجيل الجديد أمينة فاخت وذكرى محمد . ومن الفنانين العرب تربطني علاقة وطيدة بصباح وسميرة توفيق وسعاد محمد التي لحن لها خالد الأمير أغنية « وحشتني » وهو الملحن نفسه الذي لحن لي أغنية  » يا بوالشعر العنابي » .

وعنالقول انها كسبت من الفن أموالا طائلة قالت : هناك مغالطة كبيرة لهذا الخبر ،لاني انفق على ضروريات الحياة من أموالي الخاصة وليس لي مورد رزق آخر غير الغناء ، كما أن التغطية الاجتماعية ضعيفة ولا تفي بالحاجة أمام مصاريف العلاج الباهظة عند المرض الذي أصابني ، لذاك تراني أسعى جاهدة للمشاركة في المهرجانات واجتهد باستمرار لتقديم الجديد من الأغاني .ومن هذا المنطلق قلت في البداية أنا فنانة مكافحة وسلكت طريقا وعرة.