البث الحي

الاخبار : متفرقات

corona

فيروس « كورونا » فتك بالعديد وخلف مشاكل نفسية ظاهرة ومخفية عنوانها الإحساس بالذنب والخوف

لم تكن تدرك لطيفة أن 1 أكتوبر 2020 سيكون تاريخا محفورا الى الأبد في ذاكرتها وذاكرة عائلتها يوم فقدانها وأبنائها لسندهم وملاذهم من مصاعب الحياة وتقلبات الدهر بسبب اصابته بفيروس كورونا القاتل
سنة تقريبا مرت على وفاة زوجها طاهر جراء الاصابة بكورونا وتفاصيل ذلك اليوم « الأسود » بكل جزئياته الصغيرة لا تزال محفورة في مخيلتها وفي وجدانها حسب توصيفها وذلك الاحساس المخيف الذي لا يفارقها من امكانية زيارة جديدة لهذا الفيروس الخبيث بالإصابة أو بالفقد تسترجع لطيفة ذكرى ذلك اليوم المقيت بكل جزئياته وكأن أحداثه وقعت بالأمس، ذلك اليوم الذي فارق فيه زوجها طاهر الحياة دون عودة متأثرا بإصابته بالفيروس تقول بمرارة مغلفة بدموع حارقة وألم كبير يعتصر قلبها « لم يمهله الفيروس الوقت حيث كانت ليلة واحدة قضاها بصعوبة بالغة في التنفس اصطحبته على إثرها للمستشفى بمنزل بورقيبة ببنزرت أين استوجب مكوثه في قسم الانعاش لليلة لم يطلع عليه فيها نهار »
وتضيف في حديثها ل(وات) « فارق طاهر الحياة ولكن الخوف لم يفارقني ولا زالت الهواجس ترافقني في ليلي ونهاري و صور الإصابات والموتى وغرف الانعاش وأجهزة التنفس ومستجدات هذا الفيروس المجهول الذي لا يمكن التنبؤ بما يخفيه من مفاجآت للجميع وعلى حد السواء هي الصور المسيطرة على حبل أفكاري وذكرياتي اليومية  »
لطيفة وبسبب تجربتها المؤلمة مع كورونا وهاجس الخوف من الإصابة أو من الفقدان الذي لا يفارقها، تنصح كل انسان بألا يتهاون للحظة بهذا الفيروس الذي يحمل أسلحة فتاكة ومجهولة وأن يضاعف من اجراءات الوقاية ويبادر الى التلقيح وأن يعتبر نفسه دوما مصابا حتى لا يؤذي من حوله وتنهار حياته لأنه تسبب بضرر للآخر حسب تقديرها
هي قصص يتم تداولها يوميا منذ ظهور هذه الجائحة وما أفرزته من تهديدات بلغت حالات الموت لأكثر من شخص ضمن عائلة واحدة جراء نقل المرض لهم من أشخاص مقربين ولا سيما لكبار السن ولمن يعانون من الأمراض المزمنة وهذه القصص ساهمت بزيادة نمو الشعور بالخوف من أن يكون أي شخص في المجتمع عرضةً لإصابة أحد أفراد عائلته الذين قد يفقدهم أو يدخلون في نوبات مرضية شديدة تستدعي وضعهم في غرف العناية المركزة وآلات التنفس الاصطناعي
تقول شيراز وهي موظفة في العقد الثالث وأم لابن ذو 5 سنوات أن حجم الألم الذي تحمله معها ويرافقها لا يقاس حيث أن الأوجاع النفسية أكبر بكثير من تلك الجسدية جراء اصابتها بفيروس كورونا
شيراز الموظفة كانت تطبق الاجراءات الاحترازية بحذافيرها حيث كانت تلتزم بالكمامة والتباعد والتعقيم في أغلب الأوقات ولكنها لهذه اللحظة لا تعلم كيف انتقل اليها ذلك « الفيروس اللعين » كما تسميه ورغم تعافيها من خطر الفيروس إلا أن تجربتها مع المرض وإحساسها المتواصل بالذنب لا يزالان يسيطران عليها ويؤرقان حياتها
فمنذ ذلك اليوم وشيراز تفتقد طعم الراحة ويسيطر عليها احساس بالذنب لأنها تسببت « بأذية » أخيها من دون أن تقصد خصوصا أنه المعيل الوحيد لأسرة تتكون من 4 أبناء وزوجة هي لا يهمها اصابتها لكن خوفها على أخيها حرمها طعم الراحة مع هاجس وخوف من أن يفقد حياته جراء اصابته حسب قولها
وحتى بعد امتثال أخيها للشفاء لا زال الاحساس بالذنب يرافقها دائما حيث تؤكد خوفها من مخلفات كورونا عليه وما يمكن أن تتركه الاصابة لاسيما وان عمله يستلزم بذل مجهود بدني كبير
كورونا حسب شيراز لها اضرارا صحية ونفسية ومادية يستوجب تلافيها عبر التشخيص المبكر والوعي وعدم التهاون في معالجتها
وفي هذا الصدد تقول الأخصائية النفسية ايناس بن سليمة في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء أنه ومن خلال تواصلها مع بعض المصابين بمرض كورونا لاحظت أن معظم المصابين يحدث لهم تأنيب ضمير وخوف من مخاطر المرض على أنفسهم وعلى من حولهم بأن يصابوا به أوتنتقل لهم العدوى
وتضيف ايناس سليمة أن المصاب يحاسب ذاته اذا كان السبب في نقل المرض لغيره وقد تصل لدى البعض إلى حالة مرضية يعاقب فيها الشخص نفسه لمجرد اعتقاده أن المرض نُقل لذويه، كما أن البعض منهم قد يعتقد أن الإهمال في لبس الكمامة أو باتخاذ الاجراءات اللازمة للوقاية من العدوى وانتقال المرض له من الآخرين أو العكس هو السبب في ذلك
وترى أن من أهم المخلفات النفسية السلبية التي تتركها جائحة كورونا هي خلق أفكار خاطئة ووهمية تقود بالشخص الى خلق عالم وهمي يعيش فيه حسب رغباته وتسيطر فيه الأفكار السلبية خاصة فكرة الموت
وأضافت أن الجائحة تمس من الصحة العقلية كالتفكير المنطقي والتركيز وتتسبب في مشاكل في الذاكرة الى جانب كونها تؤثر على علاقة الاشخاص بحاجياتهم الأساسية
يسرى وهي المتعافية من فيروس كورونا وبعد تأكد إصابة زوجها خلال شهر جوان الماضي بفيروس كورونا بادرت الى إجراء تحليل مخبري للتثبت بدافع خوفها على أبنائها وزملائها في العمل حتى لا تكون سببا في نقل العدوى لهم وتحمل وزر إصابتهم
تقول يسرى في حديثها ل(وات) « بعد تأكد اصابتي شعرت بصدمة حيث ذهب كل تفكيري الى أولادي كنت خائفة من أن أنقل لهما العدوى وصار المحظور وأصيبت جميع عائلتي واختلفت الأعراض »
وتابعت يسرى كانت « تجربة قاسية كنت خائفة على الجميع وقلقة من تطور المرض وبلوغ أحد منا مرحلة متقدمة من المرض تستوجب جهاز تنفس أو سرير انعاش خلال تلك الفترة التي كانت مختلف المؤسسات الاستشفائية تقترب من نسب مرتفعة من الامتلاء
الشعور بالخوف على المحيطين من عائلتها وولديها ضاعف من شعورها بالذنب والخوف عليهم كان همها الأكبر من حيث اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة وحماية عائلتها وحتى زملائها في العمل
وأبرزت الاخصائية النفسية في هذا الصدد أن أكثر ما يؤلم المصاب بكورونا هو ما قد يسمعه من الآخرين ومن عائلته والمقربين منه أنه كان السبب في نقل العدوى ويضاعف ذلك شعور الألم الذي قد يصاب به المريض خلال فترة الحجر والشعور بالوحدة والملل والبعض منهم يزداد تأنيب الضمير لديه عندما يسمع عن الآلام والأوجاع التي قد يشعر بها من أصيب بالفيروس وتعكرت حالته الصحية بشكل كبير
ولفتت إلى أهمية الحديث والتنبيه من أن هذا التأنيب والخوف والتوتر المصاحب لذلك قد يؤدي إلى التأثير على جهاز المناعة ونشاطه وفعاليته في الوقت الذي يكون فيه المريض بأمس الحاجة إلى قوة المناعة لمواجهة المرض داعية في هذا الصدد الى ضرورة التقليل من التضخيم الذي يعمل على زيادة التفكير وزيادة تأنيب الضمير وهذا بدوره يعمل على زيادة القلق عند المصاب ويعيق فعالية جهاز المناعة
وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية بشأن التداعيات النفسية للأوبئة فإن في مقدمة المشاعر السلبية التي يتعرض لها الناجون الخوف من تحمل أدوار جديدة تفرض عليهم بعد فقدان أحد أفراد الأسرة أو مخاوف متكررة من التعرض للإصابة والمرور بالتجربة مرة أخرى أو الخوف من الموت كما أن الخسائر التي تعرض لها الناجون من الأوبئة لها عامل كبير في حالتهم النفسية وتنقسم بحسب تقرير منظمة الصحة إلى نوعين الخسائر المادية أيا كان حجمها وخسائر أخرى غير ملموسة مثل الخوف وفقدان الإيمان
وللإشارة تم اطلاق العديد من الحملات عبر العالم لتقديم الدعم النفسي والإرشادات والتوعية بكيفية التعامل مع مصابي كورونا بعد العديد من المواقف السلبية التي تعرضوا لها وقبل ذلك كانت منظمة الصحة العالمية قد أعدت دليلا استرشاديا « الإسعافات الأولية النفسية » للتعامل مع الأشخاص الذين يعانون من حدث مؤلم في أوقات الأوبئة وضعت فيه مجموعة من الإرشادات عن التعامل مع الناجين من الوباء بعد الإصابة به

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma