أمام جمع غفير من أصدقاء الفقيدة والناشطين المجتمعيين والناشطات النسويات، أتوا مساء أمس السبت إلى مدينة الثقافة، لاستحضار محطات هامّة من مسيرة الناشطة الحقوقية والمدونة لينا بن مهني، في الذكرى السنوية الثانية لرحيلها، فتعددت الشهادات الحية والمصورة من والدي الفقيدة، إلى شخصيات متنوعة الانتماءات ومن كل المشارب والأعمار، فغاصت في بعض جوانب حياتها المليئة بالمطبات الصحية والحياتي، فضلا عن استحضار إسهاماتها في تجذير روح المقاومة السلمية لدى قطاعات واسعة من الشباب والناشطين على شبكات الانترنيت والتواصل الاجتماعي، قبيل 14 جانفي 2011 وبعده.
« لينا لم تمت أبدا، لينا حاضرة دوما في وجداننا، لينا ستبقى خالدة في عقول كل من عرفها من بعيد أو من قريب، وكل من لم يعرفها، لأنها كانت تحمل رسالة إنسانية عميقة وصاحبة مواقف صادحة بكلمة الحق مما جلب لها احترام وتقدير المنظمات الإقليمية والدولية، فكانت أحسن سفيرة للمرأة التونسية وللشخصية التونسية بوجه عام، دافعت بكل جوارحها والى آخر نفس في حياتها عن قضايا المظلومين وشهداء الثوة وجرحاها، ولم يمنعها مرضها من الوقوف إلى جانبهم ».
بمثل هذه الكلمات والشهادات تحدثت شخصيات عديدة صعدت إلى مسرح دار الاوبرا بمدينة الثقافة أو عبر تسجيلات مصورة بثت على الشاشة، عن خصال الفقيدة لينا بن مهني، بعضها ما زال الى اليوم يعزي نفسه ويعزي كل محبيها ومن عاصروها لفقدانها، وكأن المصاب حصل منذ وقت قريب، كثيرون جالت اعينهم بالقاعة بحثا عن لينا يدققون النظر في الوجوه الحاضرة وكأنهم على يقين انها بينهم، » لينا، إني أراك بين الحاضرين، صدقوني إني أراها، إني أراها في وجهوكم، أنتم أصدقاؤها ومحبوها، لا أشك في حبكم لها مثلما بادلتكم هي الحب وأجمل مشاعر الامتنان والاحترام والتقدير »K قالها والدها الصادق بن مهني والعبرات تخنقه.
والدتها، آمنة بن غربال تحدثت عن قصتها مع المرض، وكيف أضنى جسمها على مر السنوات، « كانت تتحداه بروح كبيرة، يؤلمها ولم تنكسر، يمعن في إيذائها وتعانده بصبر لا حدود له، أعطيتها كليتي وأعدت لها الامل في الحياة.. كم كانت سعادتي كبيرة حين عادت الروح الى وجهها الشاحب وجسمها العليل، فعادت لينا التي اعرفها مرحة مبتهجة مجتهدة تعمل دون كلل ».
مرضها الطويل والصعوبات الصحية التي عاشتها وافتقاد الدواء، أذكى لديها روح التضامن مع الآخر الذي يبحث عن الدواء ولا يجده لأسباب مادية او موضوعية، فأسست ومجموعة من الشباب صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي تحت مسمى « سيب الدواء » حاولوا من خلالها تيسير تبادل المعلومات حول الادوية وخاصة المفقودة منها وتنظيم جهود التبرع بها .
السيدة فاتن عبد الكافي، تحدثت عن عشرتها مع لينا بن مهني وغيرتها على الهوية التونسية فانضمت الى مجموعة على شبكة الفايسبوك بعنوان » BE TOUNSI » ساعية الى تجذير روح الانتماء لتونس من خلال اللباس التقليدي واحياء العادات والتقاليد التونسية الاصيلة « لقد كانت شعلة من العطاء لا تكل، لم يمنعها مرضها من السهر الليالي الطويلة لإعداد المنشورات وتأثيث المواد التحريرية لنشرها على صفحات المجموعات الفايسبوكية ».
تظاهرة إحياء ذكرى رحيل الناشطة لينا بن مهني، تخللته أيضا بعض الفقرات الموسيقية.
جدير بالتذكير أن المناضلة الحقوقية والمدونة لينا بن مهني، وافتها المنية يوم 27 جانفي 2020 بعد صراع مع المرض (الفشل الكلوي) عن عمر يناهز 36 عاماً.