الثقافة الروسية استفادت من الأدب العربي وكثيرا ما كانت تتفاعل مع إبداعات الكتّاب العرب من منظور فني إبداعي، على عكس أوروبا الغربية التي كانت تعتبر الأدب العربي « بربريا »، هكذا وصفت الدكتورة هيفاء الطرابلسي، علاقة الأدب الروسي بالأدب الأدب العربي.
جاء ذلك في مداخلة ألقتها الدكتورة هيفاء الطرابلسي، أستاذة اللغة الروسية في المعهد العالي للغات بتونس، خلال ندوة بعنوان « الأدب والثقافة الروسية بعيون تونسية »، انتظمت ضمن البرمجة الثقافية لمعرض تونس الدولي للكتاب في دورته السابعة والثلاثين (28 أفريل – 7 ماي 2023) وتم فيها الاحتفاء باليوم الثقافي الروسي ضمن سلسلة الأيام الثقافية الدولية للمعرض.
وقالت الطرابلسي إن أول تواصل بين العرب والروس يعود إلى سنة 921 ميلادي، حيث كان التأثر الروسي بالقرآن أولا ثم بالثقافة والحضارة والأدب. ولاحظت أن أدباء روس انبهروا بالأدب العربي وكان ملهما لهم في الكتابة والإبداع، بل ودفعهم لزيارة دول عربية للتعرف عن كثب على الثقافة العربية. واستشهدت الدكتورة هيفاء الطرابلسي بالكاتب الروسي « ايفان بونين » الذي لم يفارقه القرآن، بل وكتب عن فلسطين وعن مصر والمغرب. وألف قصائد كثيرة في الغزل بمميزات فنية عربية كالبلاغة وكثافة الصور الشعرية. وأبرزت أن الأدب الروسي تأثر بالثقافة العربية كما تأثر العرب أيضا بالروس، ويتجلى ذلك في أعمال « بوشكين » أهم الشعراء الروس ومن أبرز أعماله « محاكاة القرآن الكريم ».
وفي مقابل حضور الأدب العربي في روسيا، اهتمت مداخلة الأستاذ وناس الحفيان، وهو أستاذ جامعي بالمعهد العالي للغات بتونس، بحضور الأدب الروسي في الثقافة العربية من خلال أعمال « دوستويفسكي »، وهو أكثر الكتّاب الروس الذين تقرأ أعمالهم في العالم، وقد مرّت على ولادته 200 سنة.
واستهل الأستاذ وناس الحفيان مداخلته بالحديث عن السيرة الذاتية لدوستويفسكي والبيئة التي ترعرع فيها فساعدت في بلوغه أعلى مراتب الكتّاب الروس شهرة وكتابة. وهذا الكاتب الذي ولد سنة 1821 وتوفي سنة 1881، ترعرع في حي فقير يقع على أطراف موسكو حيث كان والده يعمل طبيبا في مستشفى للفقراء. ووفق الأستاذ وناس الحفيان فقد ترجم الكاتب كل ذلك في أعماله الأدبية منها رواية « الفقراء » التي دفعت به إلى الواجهة في الأدب الروسي.
ولاحظ أن الكاتب الروسي « دوستويفسكي » اشتهر بمجموعة كبيرة من أفضل الروايات ذات الطابع الإنساني التي تجمع بين القيمة الأدبية والقيمة الجمالية، مبينا أن أعماله الأدبية تعكس فهمه العميق للذات البشرية وتقدم تحليلا ثاقبا للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في القرن التاسع عشر، وتتعامل مع مجموعة متنوعة من المواضيع الفلسفية والدينية.
وإلى جانب رئيسة لجنة تنظيم الدورة زهية جويرو، حضر فعاليات هذا اليوم الثقافي الروسي، سفير روسيا الاتحادية بتونس « الكسندر يوريفيتش زولتوف » الذي توجه، في كلمة بالمناسبة، بالشكر لتونس على الاحتفاء بالثقافة الروسية في معرض الكتاب. وأكد أن تونس وروسيا تجمعهما علاقات متينة وتاريخية في جميع المجالات، قائلا إن هذا التعاون سيتعزز في المستقبل بإنجاز عدد من المشاريع منها مشروع لجامعة « فالدوفيا » والمتمثل في افتتاح مركز للدراسات بتونس.